طارق جابر

جراحة السكر

الخميس - 30 مايو 2019

Thu - 30 May 2019

مع تطور حياة الأفراد والمجتمعات، لم تتغير طريقة حياة الكائن البشري فحسب، بل تغيرت طريقة موته وأسباب سقمه. ففي المجتمعات المتمدنة لم يعد الإنسان يموت بالأوبئة كالطاعون والجدري، بل أصبح يعيش أطول ويراكم أمراضا كالسكري وأمراض القلب والأورام. وأضحى عدد ضحايا التخمة وتبعات السمنة ومضاعفات السكري أكثر بكثير من ضحايا المجاعات.

في بلد كالسعودية مثلا قدر الباحثون أن من بين كل السكان البالغين الربع تقريبا مصاب بداء السكري، والثلث يعاني من السمنة (أعلى بكثير من المتوسط العالمي)، مما يضع عبئا كبيرا ليس فقط على المرضى، بل وعلى الخدمات الصحية بشكل عام.

وعلى الرغم من أن علاج السكر في المقابل تطور أيضا بطريقة هائلة، وكثير من العلاجات التي نستخدمها الآن لم تكن معروفة عندما كان معظم الأطباء الآن لا يزالون طلابا يدرسون. لكن التفكير الطبي كقاعدة لا يسعى فقط للتعايش مع الأمراض والسيطرة على الأعراض، بل دائما ما يبحث العلماء على الطرق التي يمكن بها الوقاية من الداء ما أمكن أو الشفاء التام منه إن حدث.

ولأن داء السكري من الشيوع بمكان، ولما له من الأثر المضر على مختلف أعضاء وأجهزة الجسد، فقد عمل كثير من الباحثين والجراحين على طرق لعلاج هذا المرض جراحيا واستئصال شأفته.

بداية يجب أن نميز بين أنواع مرض السكري المختلفة، وتحديدا النوع الأول الذي يبدأ من سن مبكرة جد،ا وينتج عن خلل في خلايا إفراز هرمون الإنسولين نتيجة مهاجمة الجسم لها ولا يصحبه عادة سمنة، والنوع الثاني الذي ينتج عن مقاومة لعمل هرمون الإنسولين ويرتبط أكثر بزيادة الوزن ويصيب البالغين.

قد لا يكون مستقبل علاج داء السكري جراحيا، بل قد يكون في طرق العلاج الجديدة مثل العلاج المناعي أو الوراثي أو باستحداث طرق أو أعضاء صناعية أو تقنية متقدمة أو بتدخل مدروس ومحدود جدا، لكن في الحاضر للجراحة دور كبير في علاج هذا المرض.

لعلاج النوع الأول من السكر وجد العلماء أن الحل يكمن في تعويض الجسم عن الجزر والخلايا البنكرياسية التي لا تعمل بوضع أخرى قابلة للعمل وإفراز الأنسولين، ومنذ ستينات القرن الماضي بدأ العلماء العمل في اتجاهين، الأول زراعة خلايا جزر البنكرياس عن طريق حقنها في الوريد وتركها تنزرع بين خلايا الكبد بعد إعطاء مهبطات للمناعة، حيث تعاود نشاطها من مقرها الجديد، وهذا النوع من الزراعة لا يزال يعد مجالا تجريبيا لا يعمل إلا في معاهد متخصصة كإجراء تحت البحث رغم نتائجه الجيدة.

الاتجاه الثاني وهو الأكثر شيوعا وهو زراعة البنكرياس كاملا إما وحده أو مع الكلية كجزء من زراعة أعضاء متعددة.

وفي السنوات الخيرة ظهر اتجاه ثالث هو زراعة الخلايا الجذعية التي يفترض أن تنمو وتعمل عمل خلايا البنكرياس حال نجاح الزراعة.

من المهم أن نعلم أن الزراعة خيار صعب ولا يتأهل له إلا فئة قليلة من المرضى، أما النوع الثاني من مرض السكر وهو الأكثر شيوعا والمرتبط بالسمنة وبجراحة السمنة فيستحق أن نفرد له مقالنا القادم.

أنواع مرض السكري

  • دور الجراحة في علاج هذا المرض

  • زراعة الخلايا الجذعية لعلاج السكر




drtjteam@