فاتن محمد حسين

الطوافة.. وقرار نظام مقدمي خدمات حجاج الخارج

الأحد - 26 مايو 2019

Sun - 26 May 2019

لقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة على نظام مقدمي خدمات حجاج الخارج الثلاثاء 16 /9 /1440هـ، وهو قرار تاريخي يجسد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان على كل ما من شأنه الارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، من خلال تطبيق مبدأ التحول المؤسسي، وإعادة هيكلة مؤسسات أرباب الطوائف، وبما يتناسب مع التغييرات الاقتصادية العالمية، وتفعيل دور الشراكة مع القطاع الخاص لتحسين جودة الخدمات، والعمل على توسيع قاعدة المشاركة، واستقطاب الكفاءات من المواطنين الراغبين في العمل.

كما أنه يجسد جهود وزير الحج والعمرة الدكتور محمد بنتن ونائبه الدكتور عبدالفتاح مشاط، لتجويد الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام وفق أعلى معايير الجودة والتميز المؤسسي ودعم خطة التحول الوطني 2020، وإتاحة الفرصة للمواطنين من ذوي الكفاءة للحصول على تراخيص لتقديم الخدمات للحجاج والزوار والمعتمرين القادمين من الخارج.

حقيقة ما إن ظهر القرار حتى انقسم المطوفون والمطوفات إلى فئات:

• فئة مدركة لواقع التحول وأهمية التغيير والتطوير لمواكبة الاستثمارات والاقتصاديات العالمية.

• وفئة ثانية ارتعدت من هول التغيير لعدم وعيها بتفاصيل العمل الخدمي، وقصور في إدراك أساليب التغيير إلى شركات.

• وفئة أخرى اعتادت النمطية في الأداء والركون لأسلوب محدد في العمل، وترفض التغيير وتعتبره تهديدا لكيانها وطمسا لهويتها.

ولا بد أن نعرف أن مؤسسات الطوافة التي أنشئت منذ عام 1402هـ وألغيت عنها صفة التجريبية بقرار مجلس الوزراء رقم 81 بتاريخ 27 /3 /1428هـ والذي نص على «إلغاء صفة التجريبية عن مؤسسات أرباب الطوائف على أن تتخذ شكلا تنظيميا اعتباريا يراعى فيه أن تعمل بأسلوب تجاري»؛ أنها قد آن الأوان أن تحقق الأسلوب التجاري، وهو أسلوب العمل بشركات من خلال:

أولا: رسملة مؤسسات الطوافة، وإعادة الهيكلة، وتطبيق الحوكمة الإدارية والجودة والإتقان في العمل.

ثانيا: من خلال تصنيف الخدمات التي تقدمها كل شركة نوعا وكما، وبالتالي ظهور التنافسية العالية بين الشركات ومقدمي الخدمات، ومنها تسخير التقنية العالية لتقديم أرقى الخدمات في الاستقبال، والضيافة، والسكن، والنقل، والإعاشة، وكل ذلك سيحقق بإذن الله تعالى نقلة نوعية، وتنافسية عالية، وجودة في الأداء، وسيكون البقاء للأصلح والأكثر قدرة على إحداث التطوير في الخدمات.

الشركات بداية ستكون مغلقة ولمدة (5) سنوات، وفي حال رغبة أي شركة ببيع أسهمها وطرحها للاكتتاب العام فهذا شأنها حتى ولو بعد عامين، وتكون الموافقة بقرار من مجلس الوزراء ووفقا لأحكام نظام السوق المالية، وهنا ستكون حرية أهل الطوافة في البيع أو عدم البيع.

بل لا بد أن نطمئن بأن الخير قادم بإذن الله للجميع، ولن يكون هناك طمس أو إلغاء للطوافة، فكل من يقدم خدمات للحجاج ومنها (خدمة التطويف) فهو مطوف، والرزق مكتوب، وخدام ضيوف الرحمن هو من يختارهم، ولكن آن الأوان للتغيير الذي هو مرادف لعملية التطوير أو التحسين.

وحقيقة دائما أتذكر قصة كتاب (من حرك قطعة الجبن الخاصة بي Who moved my cheese)، للكاتب الأمريكي سبنسر جونسون، وهو من أعظم كتب الإدارة التي تتحدث عن التغيير وترجم لكثير من اللغات، وهو يتحدث عن شخصيات رمزية ألفت النمطية في البحث عن الجبن الذي هو (العمل أو الرزق)، ولم ترغب في التغيير حتى أنها هلكت، بينما أخرى كانت على قدر عال من المرونة فبحثت عنه في أماكن أخرى ووجدت خيرا أكثر مما كانت تتوقعه.

وقد ظهرت التكهنات وأسئلة متنوعة من عموم المطوفين والمطوفات عن الشكل الجديد للنظام، وهو ينم عن اهتمام وشغف محمود. ولكن كل ما علينا الآن هو الانتظار لحين صدور اللائحة التنفيذية وذلك بعد 90 يوما من إصدار القرار، والتي توضح إجراءات العمل في نظام الشركات الجديد، لنكون أكثر وعيا بمرحلة التغيير وكيفية التطبيق والتنفيذ للإجراءات الجديدة.

إن ما يحدث من تغييرات مذهلة في العالم يحتم علينا سرعة الإنجاز والعمل بما يتلاءم مع المستجدات العالمية وأن نمتلك الشجاعة الكافية للتغيير، معتمدين على الله أولا ثم على ثقتنا بذاتنا، وأننا قادرون على خوض غمار التطوير وتدعيم كل الإيجابيات السابقة في أعمالنا والقضاء على السلبيات.

بل ربما نطلق العنان للخيال وتقديم خدمات إبداعية تحقق راحة وطمأنينة حجاج بيت الله الحرام قائمة على رؤية واضحة وخطط استراتيجية، وهنا بإمكاننا أن ندخل عالم الاستثمار من أوسع أبوابه لدعم رؤية 2030 واستقبال 30 مليون حاج ومعتمر بإذن الله تعالى، فحبنا وولاؤنا للقيادة الحكيمة وللوطن، واستشعارنا شرف ومسؤولية وأمانة خدمة ضيوف الرحمن، هي وقود عزمنا وإراداتنا.