عاصم الطخيس

قلق التحولات من الرواية إلى أعمال سينمائية

الجمعة - 24 مايو 2019

Fri - 24 May 2019

الثقافة الفنية بمختلف أقطابها الأدبية والموسيقية والتشكيلية والمسرحية دوما ما كانت الطريقة التي يمكن بها التعبير الفني الداخلي للفنان، وصناعة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية ليست بعيدة عن هذا المنوال. فكثير من أفلام هوليوود التي تقدر بنسبة عالية جدا 80-85% من أفلامها ومسلسلاتها مبنية على روايات في الأصل. قد يسأل سائل: لكن أين نسبة نصوص السيناريو الأصلية من كل ذلك؟ هنا دعني أجيبك، هي نسبة قليلة جدا تقدر بـ 10-13% والباقي مبني على قصص واقعية أو من الأخبار.

في بدايات هوليوود وإلى وقت ليس ببعيد، تقريبا عام 2000 كان هناك مجال أكبر للنصوص الأصلية غير المبنية على أفكار سابقة من روايات أو قصص قصيرة، وربما تكون فترة السبعينات والثمانينات هي من أكثر الفترات التي اشترت بها شركات الإنتاج أي نص أصلي يرسل لها من قبل كُتاب السيناريو المغمورين والمحترفين، وإنشاء ما يسمى خزينة نصوص السيناريو للمستقبل في كل شركة إنتاج. لكن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وانقلاب الموازين العالمية وكذلك الاقتصادية، فإن صناعة الأفلام تأثرت بذلك من دون شك. فكانت الشركات سابقا تضع مشاريع عدة تحت مسمى «مخاطرة» لقياس ردة فعل المشاهدين في إمكانية تقبلهم أو رفضهم للفيلم، وأما فيما يخص المسلسلات فكان يتم تصوير الحلقة الأولى من المسلسل والتي تعرف بمسمى (Pilot)، ومن خلال نسبة المشاهدة تقوم القناة والشركة المنتجة إما بإكمال العمل أو إلغائه، لكن منذ 2001 بدأت تلك التجارب بالاضمحلال تدريجيا.

قد يكون السبب الرئيسي والفعلي لهوليوود هو التنافس بشكل مخيف على تحويل الروايات إلى أفلام أو مسلسلات، ومنه نجاح ثلاثية أفلام «ملك الخواتم» (The Lord of the Rings) بين عامي 2001 و2003، وذلك مع المخرج العبقري بيتر جاكسون (Peter Jackson) وكُتاب السيناريو الذين كانوا معه.

لم يبرهن جاكسون على إمكانية تحويل رواية معقدة ومترامية الأطراف إلى فيلم ناجح فحسب، بل حطم شباك التذاكر العالمية وأصبح فيلما تضرب به الأمثلة لنجاح أفلام الفانتازيا. منذ ذلك الوقت تم التمهيد للقنوات والشركات المنتجة في أخذ مخاطر أكبر في تحويل روايات معقدة إلى مسلسلات تلفزيونية مثل «صراع العروش» (GOT) من قناة HBO، والامتداد (The Expanse) من قناة Syfy و»رجل في القلعة العليا» (The Man in the High Castle) من أمازون (Amazon) و»الآلهة الأمريكية» (American Gods) من شبكة Starz التي حازت إعجاب النقاد والجمهور الوفي للرواية.

لا يمكننا تجاهل أهمية ومدى تأثير الرواية على معجبيها لدى سماعهم عن تحويلها لفيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني، فالتغييرات شيء أساسي في عملية تحويل أي رواية. يقول جون فولسوم (John Folsom)، وهو كاتب سيناريو محترف بأن الشيء الوحيد الذي يجب عليك أن تكون مخلصا له هو القصة. ومن خلال موازين القصة والشخصيات والتفاصيل فإن ذلك يسمح لكاتب السيناريو أن يبقي على سلامة الرواية مع الحفاظ على نص سيناريو متين، خالقا بذلك أساسيات قوية لفيلم أو مسلسل ناجح.

لنجاح ذلك يجب النظر إلى الرواية وبصمتها، هل هي قوية ومتعارف عليها بشكل أدبي فعال أم لا؟ فمثلا هل الرواية التي أنت بصدد تحويلها لمسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي لها صيت مثل روايات «هاري بوتر» (Harry Potter)، «ملك الخواتم»، «صراع العروش» وغيرها مما كانت لها بصمة تؤكد من خلالها نجاح الفيلم أو المسلسل. عادة يخلق كتاب السيناريو محتوى جديدا آخذين الرواية كمنهج للانطلاق لخلق محتواهم الجديد الذي له إحساس مقارب للرواية الأصلية، آخذين بالاعتبار إضافة الأفكار الجديدة والشخصيات والمشاهد لتقدم بشكل متتابع يشعرك بالانتماء لنفس خط العمل.

وحتى نصل لهذه المرحلة من تحويل الرواية إلى نص عمل سينمائي يجب علينا إعطاء أولوية جدية لثلاثة نقاط أساسية، هي:

القصة:

لا بد من اختيار قصة واحدة رئيسية لاتباعها بشرط أن تكون هي القصة الأهم والمؤثرة والمشبعة بالصراعات، والتي من خلالها نستطيع مشاهدة الشخصيات وهي تتطور بشكل قابل للتصديق.

الشخصيات:

في هذه الخطوة يجب أن تكون صارما وانتقائيا في اختيار شخصيات رئيسية قوية لها علاقة وطيدة بالقصة وإقصاء عدد كبير من الشخصيات وإفساح المجال للشخصيات التي اخترتها لأن تحصل على مساحة كافية للقيام بما تطلبه القصة بشكل واقعي وغير متكلف.

التفاصيل:

عادة الروايات تحتوي على صوت داخلي للشخصيات تشرح فيه الخلفيات، فأفضل طريقة لتوضيح ذلك هي تقديم المعلومات والعواطف بشكل مرئي، فهذا يزيد ارتباط المشاهدين بالشخصيات والقصة.

  • سر نجاح أفلام هوليوود وارتباطها بالروايات.

  • الأحداث العالمية وتأثيرها على شراء نصوص السيناريو الأصلية.

  • ثلاثية »ملك الخواتم « وتغيير الموازين في تحويل الروايات إلى أفلام ملحمية.

  • أولويات تحويل الرواية إلى نص عمل سينمائي.




AsimAltokhais@