مشعل خليل فرج

سوء الإدارة وديون الأندية

الاثنين - 06 مايو 2019

Mon - 06 May 2019

بالنسبة لمشجع كرة القدم السعودي الرياضة ببساطة مجرد فرصة لحضور مباراة الفريق الذي يشجعه أو مشاهدتها عبر التلفزيون، فهو لا يشارك في اختيار إدارة النادي، ولا يستطيع أن يحاسبها أو يحاسب أي لاعب إذا قصر في أدائه. والنادي يعتمد ماليا على الإعانة الحكومية والأموال المقدمة من أعضاء مجلس الإدارة ودعم أعضاء الشرف. هذه العلاقات البسيطة في تركيبتها بين المشجعين والأندية والداعمين كانت مدعومة بتعريف الأندية على أنها مؤسسات اجتماعية تؤدي دورا ثقافيا ورياضيا وتربويا، وأثرت هذه الفكرة على القطاع الرياضي بشكل عام لمدة طويلة من الزمن.

لذلك لم يكن ينتظر من هذا القطاع دور في الاقتصاد الوطني، فلم يكن القطاع الرياضي - وإلى الآن - منظما، ويفتقد إلى التشريعات اللازمة لضبط الأمور الإدارية والمالية في الأندية. فلا توجد هناك أنظمة أو لوائح تلزم الأندية الرياضية بالإفصاح عن قوائمها المالية أو الأموال المحصلة من دعم أعضاء الشرف، كل ما كانت تقوم به بعض إدارات الأندية هو الإعلان عن تحصيل دعم من أحد أعضاء الشرف لكسب ثقة الجماهير. كذلك لم تكن هناك قواعد منظمة للحقوق المالية للأندية مثل البث التلفزيوني والإعلانات.

وكان نتيجة هذا الفراغ التشريعي والممارسات المالية والإدارية غير الصحيحة تجاوز مجموع ديون الأندية المحترفة المعلن عنها نهاية العام الماضي 900 مليون ريال، 333,500 منها ديون خارجية تكفل بسدادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.

مبلغ الديون كبير ولكن في الجانب الآخر كم هي إيرادات الأندية؟ التقارير الصحفية تذكر الديون لكنها لا تشير إلى الإيرادات، وهذا يقودنا إلى تساؤل: لو كانت هناك إيرادات تحققها الأندية هل تكفي لسداد ديونها؟ يمكن تفسير ذلك بأن التقارير الصحفية ليست إفصاحا عن تقارير مالية ولكن محاولة لتسليط الضوء على مشكلة الديون. في نهاية المطاف عدم الاطلاع على الديون وحصرها جعل منها هجمات مرتدة تهدد الأندية في أي وقت، مع عدم وجود حلول جذرية لها.

بعض الأندية الجماهيرية تجاوزت ديونها المئة مليون ريال، وتعاقبت عليها الإدارات وظلت الحال كما هي، بل على العكس بعض الإدارات الجديدة قد تفاقم مشكلة الديون وتزيد من حجمها. هذا يوضح أن تغيير إدارات الأندية قد لا يعني بالضرورة أن التغيير تم لتدني أداء الإدارة، وأن الإدارة الجديدة مطلوب منها حل مشاكل النادي المالية والإدارية، وإنما التغيير قد يكون لأسباب ليس لها علاقة بأداء الإدارة على المستويين الإداري والمالي، مثل الخروج من بطولة كان ينافس عليها النادي! عدم وجود الرقابة الفعالة وسوء الإدارة المالية يجعلاننا نستنتج أنه حتى لو تم ضخ أموال أو توفير مصادر دخل لهذه الأندية فهذا لا يضمن حل مشاكلها المالية.

تستهدف الهيئة العامة للرياضة الاستدامة المالية للقطاع الرياضي عن طريق إيجاد فرص وبيئة جاذبة للاستثمار وتخصيص الأندية الرياضية. ولتحقيق هذه الأهداف لا بد للهيئة من تهيئة القطاع بأكمله ليكون إضافة للاقتصاد الوطني وجاذبا لرؤوس الأموال.

توصيف مشكلة الأندية يبين أن هناك عوامل عدة تفاعلت، منها ابتداء مستوى الرقابة الضعيف على هذه الأندية، وسوء الإدارة المالية والإدارية وانعدام الشفافية. والبطء في تهيئة القطاع والأندية قد يفاقم مشاكل الأندية المالية ويفوت فرصا استثمارية.

@MeshalFaraj