شاكر أبوطالب

رمضان .. ذكريات وعادات!

الأحد - 05 مايو 2019

Sun - 05 May 2019

بداية أتقدم لقراء ومنسوبي صحيفة مكة بأطيب التهاني وخالص التبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، سائلا المولى سبحانه أن يتقبل من الجميع الصيام والطاعات، وأن يوفقهم للأعمال الصالحة والصدقات.

يعد رمضان الحالي هو الشهر رقم 1439، بعد فرض الصيام في السنة الثانية من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام من مكة إلى طيبة، فتاريخيا صام المسلمون قرابة 42.5 ألف يوم، ما يعادل 119 عاما رمضانيا تقريبا.

ولأن دخول رمضان هو تغيير في حد ذاته، من المنطقي أن تتغير تفاصيل الحياة في رمضان، حيث ترمي الحياة الاجتماعية بثقلها إلى ساعات الليل، وتتقلص مظاهر الحياة بين صلاتي الفجر والعصر، فيخف الازدحام المروري في الطرقات، في المقابل توصف الساعة السابقة للإفطار بأكثر الساعات ازدحاما في الشهر الفضيل، فتزداد احتمالية وقوع الحوادث المرورية بسبب الاستعجال لقرب موعد غروب الشمس.

وغالبا ما يستدعي دخول شهر رمضان ذاكرة الزمن الجميل، والحنين إلى تفاصيل الحياة في الماضي، خاصة في القرى والبلدات الصغيرة والأحياء القديمة في المدن، حيث الجميع يعرف الجميع تقريبا! ويتبادل الجيران الطعام والهدايا والزيارات. ومثل هذه الذكريات مرتبطة ببساطة الحياة في رمضان وحميمية العلاقات الاجتماعية، فلكل منا ذكرياته الخاصة برمضان التي يشتاق إليها ويحن لرموزها، فليالي رمضان تحفز الحنين للعودة إلى الماضي.

ويحظى شهر رمضان بهذه الحالة الاحتفالية لأسباب ظاهرة، وأخرى خفية متعلقة بالإنسان وعلاقته بالكون والروح، فعادة ما يشعر الإنسان بهالة إيمانية تضيء ليالي رمضان، والرغبة في الاجتماع وزيارة الآخرين والتواصل معهم، وقبول دعوات الإفطار والسحور. كذلك ترتفع درجة الحميمية في العلاقات الأسرية والاجتماعية في رمضان، نتيجة طغيان الروح على الجسد بسبب الصيام، واستشعار الناس للقيم والمشتركات التي تجمعهم بالآخرين.

وعلى مدار التاريخ ترسبت بعض العادات والتقاليد في المجتمعات المسلمة، وأصبحت أكثر شهرة من الصيام وشهره، من ذلك الفانوس الرمضاني الذي يؤرخ له منذ رغبة الصائمين في إضاءة دروبهم ليلا عند ذهابهم إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب، كون الحياة في ليل رمضان أكثر من غيرها طيلة العام. ويشتهر في رمضان شكل أو صورة القمر هلالا، خاصة في تسويق المنتجات والخدمات الرمضانية.

ومن المشاهد التي تسهل رؤيتها في رمضان تسابق الشباب للعب الكرة الطائرة وكرة القدم في المساء، وتقام لأجل ذلك بعض الدوريات الرياضية الرمضانية، كما يجتمع الأصدقاء والزملاء في المقاهي الشعبية والعصرية، ويحرص كبار السن على قراءة القرآن والبقاء في المسجد أكثر من أي مكان آخر، إضافة إلى السفر لأداء العمرة. في المقابل يحرص كثيرون على متابعة المسلسلات والبرامج الرمضانية، وارتياد الأسواق والمراكز التجارية، وزيارة الأهل والأقارب.

والأكثر أهمية في الشهر الفضيل أنه يمثل فرصة مناسبة للإنسان للتخلي عن عادات سلبية، واكتساب عادات إيجابية، وقراءة مزيد من الكتب، وإنجاز بعض الأعمال المؤجلة أو استئناف العمل بها، وتحديد أهداف شخصية سنوية جديدة، ومتابعة التقدم والإنجاز في المستهدفات السابقة. وختاما أكرر التهنئة بشهر رمضان، سائلا الله عز وجل أن يعيده على الجميع بصحة وعافية وسعادة.

@shakerabutaleb