حسن علي القحطاني

الإخوان بين المطرقة والسندان

السبت - 04 مايو 2019

Sat - 04 May 2019

عام 2017 وبعد شهر على تولي دونالد جون ترمب مهامه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وجه إدارته لوضع الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان ضمن قوائم الإرهاب، عندها قدم السيناتور الجمهوري تيد كروز مشروع قانون لمجلس الشيوخ يدعو لتصنيف الإخوان والحرس الثوري الإيراني ضمن لائحة الحركات الإرهابية، لكن مؤيدي حركة الإخوان، ممن لهم اتصالات بالخارجية الأمريكية، دفعوا لشركة غلوفر بارك قروب خمسة ملايين دولار لتنظيم حملة عامة داخل إدارة ترمب لوقف المشروع، وفعلا صدرت وقتها مذكرة من الخارجية الأمريكية، جاء فيها «إن للجماعة تركيبة مطاطية منظمة، وحضور في دول عدة بالشرق الأوسط، بعضهم حلفاء لنا..»، الأمر الذي جعل هذا المشروع يتراجع قليلا لكنه لم يتوقف، بل وضعته واشنطن على حسابات خطوط هندسة سياساتها الجديدة في المنطقة كلها، والتي بدأت تتبلور مع قرب إعلان صفقة القرن الأمريكية، وبعد أن تلاشت أصوات ورثة الرئيس السابق باراك أوباما صنف الحرس الثوري رسميا منتصف الشهر الماضي، أما الثانية - جماعة الإخوان - ففي طريقها إلى القائمة رغم أن وضع الجماعة في دول المنطقة لم يتغير.

جماعة الإخوان حققت انتشارا كبيرا في عدد من الدول منذ تأسست قبل 91 عاما على يد حسن البنا، هذه المدة الطويلة مكنتها من تحقيق انتشار دولي واسع لأنه ينبثق منها عشرات المنظمات والفصائل التي تعمل بشكل مستقل، جميعها تجيد اللعب على وتر تحقيق الأهداف المتناقضة، فسعوا إلى استنساخ صيغة المرشد الأعلى من ثوار طهران، طهران التي توصف بأنها حليفة لهم، وملاذ آمن لقياداتهم، وإن اختلفوا معها عقائديا، إلا أنه يوحدهم هدف تحريف منهج الحكم الإسلامي من حكم العدل والاعتدال والشورى إلى حكم طائفي يميني متطرف، وتقديمه في قالب فارغ من أي محتوى ملائم للعيش والتعايش أو التقدم الحضاري.

هذه الجماعة تتأرجح بين المعارضة المسلحة للسلطة كحالها في مصر، وبين التعاون المترقب لفرصة الانقضاض في الأردن وتونس والجزائر، أما في سوريا فلم يكن للإخوان حضور بارز، ومع انعدام الحياة السياسية في عهد حافظ الأسد تحولوا إلى السلاح فترة ثم تركوه، وعادوا إليه مع بدايات الثورة التي لعبوا على تناقضاتها، بينما كان دورهم في ليبيا ثابتا في العمل المسلح على الأرض، أما حالهم في العراق كحال باقي الجماعات والميليشيات فالسلاح بيد الجميع، وفي اليمن لا تعرف لهم حليفا من عدو، مرة مع الميليشيات الإيرانية المتمثلة بالحوثي، وتارة مع القاعدة، وأخرى مع الحكومة الشرعية والتحالف العربي، وفي السودان أفل نجمهم مع سقوط البشير، وقد تتفق أو تختلف مصالحهم مع واشنطن وتحديدا في تركيا، ممثلين تحديدا في حزب العدالة والتنمية الحاكم، أما في قطر فحاولت بدعم تنظيم الحمدين تبديل جلدها بإعلان حلها، إلا أن سمها لا يزال يسري في الجسد الخليجي، وإن قامت السعودية والإمارات - متأخرتين - بتصنيفها كجماعة إرهابية.

صراع جماعة الإخوان على السلطة ورطها في لعب دور أكبر من الدور المراد منها، وحولها إلى عبء على صانع قرارها بعد أن ثبت فشلها، وتعرت مقاصدها أمام من أحسن الظن بها يوما.

أخيرا، جماعة الإخوان تمر بمرحلة حرجة بين مطرقة الأمريكان وسندان واقعها الراديكالي، وإدارة ترمب تحت اختبار حقيقي يتمثل في اتخاذ قرار انقسمت حوله الحكومات الأمريكية السابقة لسنوات، وإن كان تطبيقه على الصعيد العالمي صعبا فالتصنيف الفردي المتدرج لمنظمات الإخوان على قوائم الإرهاب لن يكون مستحيلا.