محمد حطحوط

لماذا أسعار المنتجات 99.99 وليس 100؟

السبت - 27 أبريل 2019

Sat - 27 Apr 2019

من أكبر الأسباب التي تجعل الإنسان يعشق التسويق أنه علم يرى تطبيقاته كل الناس على اختلاف أجناسهم وأشكالهم ومستوى تعليمهم. تشاهد أثره في أدق تفاصيلهم، لدرجة أصبحنا معها نصنع تصورات عن إنسان يمشي على قارعة الطريق فقط من تأمل عدد العلامات التجارية التي يرتديها، بدءا من حذاء نايكي إلى شماغ البسام! واحد من أكثر الأسئلة التي ترد في بند التسويق:

لماذا الأسعار غالبا تكون في نهايتها 99 هللة، ولا يقوم صاحب المتجر بإكمال هذه الهللة؟! من الطبيعي وأنت تتبضع في العثيم أو بنده أن ترى منتجا سعره 9.99، ما هي الفلسفة التسويقية خلف ذلك؟ هناك سببان: سبب علمي وسبب أمني. يقول بروفيسور التسويق لي هابيت في جامعة هندرسون الأمريكية: لا يعرف تاريخيا متى بدأت هذه الممارسة، ولكن النظرية العلمية خلفها أن العقل أثناء قراءة الأرقام (من اليسار لليمين) يحتفظ بأول رقم أكثر من غيره، فعند تسعيرة منتج بـ 4.99، العقل - اللاواعي - يربط السعر على أنه أربعة دولارات، وليس خمسة، مع أن الفرق هللة واحدة!

ولكن كنت أقول لطلابي في جامعة الملك سعود منذ سنوات إن هذا لم يعد السبب الحقيقي لهذه الاستراتيجية في التسعير، لأننا كمستهلكين ربطنا ذهنيا أن أي منتج يكون بجانبه 0.99 هذا يدل على أن ثمة عرضا وتخفيضات! وبعد بحث وجدت دراسة لهارفارد عام 2003 تؤكد الارتباط الذهني لكثير من المشترين بين الاثنين! لدرجة أن زميلا يعمل في شركة تموين شهيرة بالرياض أخبرني شخصيا أن لديهم هيلا بـ 21 ريالا، ولكن ظل طويلا على الرف! بعدها قامت الشركة بإلصاق علبتي قشطة مع كل علبة هيل، ووضعت سعر 29.99! وفي غضون ساعات نفدت جميع كميات الهيل! الصدمة أن تعلم أن علبة القشطة تباع في المحل نفسه بثلاثة ريالات، وهذا يعني أن السعر لو أخذها العميل متفرقة سيكون المجموع 27 ريالا، ولكن العميل دفع 29.99 وهو يظن أنه عرض وأنه استغله قبل نفاد الكمية! وهذه حيلة تسويقية أخرى، عندما ترى منتجين على شكل عرض ترويجي تأكد من السعر، هل هو تخفيض حقيقي أم وهمي!

السبب الأمني خلف سياسة التسعير بـ 99 هللة أن الهدف أن يفتح الموظف خزينة المال، ويرجع للعميل هذه الهللة، من أجل تسجيل العملية، لتسهيل تدفق المبالغ المالية، وقد ذكر هذا السبب في كتاب التسويق الذي أصدرته الإيكونوميست Marketing: a Guide to the Fundementals.

mhathut@