لا تقرأ.. إنه فخ!
الثلاثاء - 23 أبريل 2019
Tue - 23 Apr 2019
بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، فأنت لا شك بحاجة إلى أمثالي ليخبروا أمثالك بما يجب أن يفعلوا وكيف «يستحب» أن يعيشوا حياتهم، وبما أنك تقرأ هذا المقال ـ العظيم ـ فهذا يعني أنك شخص تحب القراءة لدرجة أنك يمكن أن تقرأ أي شيء يكتبه أي أحد، ولذلك فأنت في الغالب غير معني بنصائحي الثمينة التي سأحثك من خلالها على القراءة والاطلاع والمعرفة وتوسيع مداركك الفكرية واستخدام عقلك في التفكير والتدبر وأن هذه المهمة الأسمى التي خلق الله من أجلها العقل.
وبما أنك لست في حاجة لهذه النصائح والدرر الثمينة فإنك لا شك بحاجة لنصائحي الثمينة الأخرى التي ستحثك على الابتعاد عن القراءة، فأنا كما تعلم كاتب مقال يومي ولدي نصائح لكل الناس، ويمكن أن أكتب مقالين في اليوم كل واحد منهما يؤيد وجهة نظر على النقيض من الأخرى.
فأقول متوكلا على الله: اعلم أيها القارئ أنك تضيع عمرك وتفني عقلك فيما لا ينفع، فما قيمة الكتب والمعرفة إن أنت أدركت الحقيقة وفهمتها وعرفتها ثم جبنت عن التصريح بها، وما قيمة الإدراك إن كان سيجعلك تفهم أشياء تفسد عليك متعة الحياة، واعلم يا رعاك الله أن «الفهم» عدو السعادة، وأن الإدراك نقيض الراحة، ففر بنفسك وانفذ بجلدك من براثن الكتب وجحيم المعرفة.
ثم إن الجميع سيرحل، العارف والجاهل، المتعلم والأمي، الذكي والأقل ذكاء، وسينتقلون جميعا إلى المرحلة الأخرى حيث يعرف الجميع كل شيء، ويشاهدون بأعينهم الحقيقة عارية سافرة لا يشوب جسدها شائبة. فاستمتع بجهلك الآن وعش حياتك «ودرب» - أي دحرج - رأسك بين الرؤوس حتى يأتي اليوم المعلوم.
واعلم يا رعاك الله أن ندم النادمين لأنهم عرفوا أقسى بكثير من ندم النادمين لأنهم لا يعرفون، لأن المعرفة حين تمتزج بالعقل تصبح جزءا منه لا يمكن فصلها مجددا والتراجع واعتبار أن شيئا لم يكن. المعرفة هي نقطة اللاعودة.
وعلى أي حال..
فالمعرفة إدمان، واستمرار في الهروب إلى الأمام، لأنك حين تجد حياة أخرى في ثنايا الكتب تكره حياتك الحقيقية، وتستمر في الهروب منها باحثا عن «حيوات» جديدة، وتحتقر حياتك الحقيقية، خاصة أنه قد يقرر مصيرها وشكلها وحتى مدتها شخص لم يقرأ في حياته سوى أسئلة الاختبارات الدراسية، لأنه ـ غالبا ـ لا يقرأ حتى كتب المناهج.
ستحب حياة الوهم بين الورق كالقوارض، أما حياتك الفعلية فستمضي فيها غريبا لا تجد حتى من تقصص عليه رؤياك حين رأيت أنك تحمل في رأسك مكتبة يأكل الجهل منها.
agrni@
وبما أنك لست في حاجة لهذه النصائح والدرر الثمينة فإنك لا شك بحاجة لنصائحي الثمينة الأخرى التي ستحثك على الابتعاد عن القراءة، فأنا كما تعلم كاتب مقال يومي ولدي نصائح لكل الناس، ويمكن أن أكتب مقالين في اليوم كل واحد منهما يؤيد وجهة نظر على النقيض من الأخرى.
فأقول متوكلا على الله: اعلم أيها القارئ أنك تضيع عمرك وتفني عقلك فيما لا ينفع، فما قيمة الكتب والمعرفة إن أنت أدركت الحقيقة وفهمتها وعرفتها ثم جبنت عن التصريح بها، وما قيمة الإدراك إن كان سيجعلك تفهم أشياء تفسد عليك متعة الحياة، واعلم يا رعاك الله أن «الفهم» عدو السعادة، وأن الإدراك نقيض الراحة، ففر بنفسك وانفذ بجلدك من براثن الكتب وجحيم المعرفة.
ثم إن الجميع سيرحل، العارف والجاهل، المتعلم والأمي، الذكي والأقل ذكاء، وسينتقلون جميعا إلى المرحلة الأخرى حيث يعرف الجميع كل شيء، ويشاهدون بأعينهم الحقيقة عارية سافرة لا يشوب جسدها شائبة. فاستمتع بجهلك الآن وعش حياتك «ودرب» - أي دحرج - رأسك بين الرؤوس حتى يأتي اليوم المعلوم.
واعلم يا رعاك الله أن ندم النادمين لأنهم عرفوا أقسى بكثير من ندم النادمين لأنهم لا يعرفون، لأن المعرفة حين تمتزج بالعقل تصبح جزءا منه لا يمكن فصلها مجددا والتراجع واعتبار أن شيئا لم يكن. المعرفة هي نقطة اللاعودة.
وعلى أي حال..
فالمعرفة إدمان، واستمرار في الهروب إلى الأمام، لأنك حين تجد حياة أخرى في ثنايا الكتب تكره حياتك الحقيقية، وتستمر في الهروب منها باحثا عن «حيوات» جديدة، وتحتقر حياتك الحقيقية، خاصة أنه قد يقرر مصيرها وشكلها وحتى مدتها شخص لم يقرأ في حياته سوى أسئلة الاختبارات الدراسية، لأنه ـ غالبا ـ لا يقرأ حتى كتب المناهج.
ستحب حياة الوهم بين الورق كالقوارض، أما حياتك الفعلية فستمضي فيها غريبا لا تجد حتى من تقصص عليه رؤياك حين رأيت أنك تحمل في رأسك مكتبة يأكل الجهل منها.
agrni@