عبدالحليم البراك

الكاذبون على الأموات.. كيف يفكرون؟!

الاثنين - 22 أبريل 2019

Mon - 22 Apr 2019

لما مات الراحل الكبير غازي القصيبي، صاروا ينشرون كل شيء وأي شيء منسوبا له، حكمة أو مقولة، أو كلام عابر لا معنى له. ومن أسلوبه، أو من قرأ كتبه، يتبين أنه ليس لغازي القصيبي - رحمه الله - صلة به، ومن كثرة ما نشر صرنا لا نميز بين ما قاله رحمه الله، وبين ما أراد أحدهم تمريره باسم غازي القصيبي، فلماذا يكذبون على الأموات؟!

- يكذبون على الأموات لأنهم لا ينتصرون لأنفسهم، فسهل للغاية أن يقول أحدهم ما يقوله، وهو في أمان كبير من أن يكذبه أحد، فصار الأموات غطاء الأحياء، وصرنا نقرأ ونعرف أنه لا صلة لهم به، ومع هذا نبتسم ونحن نقرأ!

- يريدون أن يمرروا أفكارهم، تلك الأفكار التي لا تمر بأسمائهم المجهولة، وأن ينسبوا للأموات المشاهير الحكم والمقولات والأفكار لعلها تصل لأكبر شريحة لا يمكن أن تصلها لو روجوا لها بأنفسهم مهما قاتلوا من أجل نشرها. وهؤلاء مثل الذين يكذبون في الآثار السلفية بدعوى الدعوة إلى الله والفضيلة ولو كذبا!!

- أزمة ثقة في النفس!

فلو قال أحدهم ما يود تمريره فإنه لن يمر، فالناس لا تثق به، وهو لا يثق في عقله ولكن يتكئ على نقله، فيلجأ للنقل ولو كان كاذبا أو غير دقيق أو غير صحيح، فالمهم أن تنتشر الفكرة ولو على حساب ضميره إن كان ثمة ضمير، ولو بالكذب، فالغاية تسوق للوسيلة، وتبررها وتبرزها، والسلام على الصدق يوم يولد ويوم يعيش ويوم يولد!

- الأموات لا يغيرون آراءهم، فيلجأ الناس لتبني أحد الأموات، لأنه لن يغير رأيه، فإن كان هو والمتوفى ينتميان لتيار واحد، أو فكرة واحدة، فإنه يعظم هذا الميت وأفكاره لأنه في أمان تام من أن يتورط في الدفاع عنه بعد أن يتبين له خطأ طريقه، وكأنه يقول: أنا لا أتبع إلا ميتا، أما أنتم أيها الأحياء فإني لا أثق بكم!

أيها المتورط في الكذب على الأموات:

- لا تكذب على ميت، فالكذب لا يسوغه أن تمرره عن طريقه، فالكذب سيبقى كذبا مهما صبغته بألوانك الباهتة، واعلم أن ألوانك صناعة آسيوية سيئة!

- أفكارك لك، فاعتز بنفسك وبأفكارك مهما كانت صغيرة، ومهما كنت صغيرا فأفكارك عظيمة بك، صغيرة جدا وهي منسوبة لغيرك، فكن معتزا بنفسك!

- لو لم تصل أفكارك إلا لك ثق بنفسك، فأفكارك سيعتز بها أبناؤك وكفى بهم عزا، وأي فكرة تمررها كذبا من خلال أحد المشاهير فهي له ولو لم يقلها، وليس لك إلا خطيئة الكذب!

أخيرا، كلما نسبت مقولة لميت اصعقوهم بسؤال بسيط ساذج لطيف عميق منطقي وعقلاني: ما هو مصدرك!؟