ناصر الهزاني

حيتان التكنولوجيا يحمون أولادهم مما صنعت أيديهم

الاثنين - 15 أبريل 2019

Mon - 15 Apr 2019

مع التقدم التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم بسرعة باهرة، أصبح تعلق الأطفال بالأجهزة الذكية واضحا، حيث يستنزف كثيرا من أوقاتهم وطفولتهم، تلك المرحلة العمرية المهمة في حياة الإنسان، والتي تحتاج إلى أن يتمتع فيها الطفل وينمي مهاراته الحركية.

عمالقة التكنولوجيا وصناعها بدؤوا مؤخرا يستشعرون هذا الخطر الداهم على حياتهم وحياة أطفالهم، ولا سيما مع موجة التقدم الرقمي المتسارع التي باتت تنذر بتغير حياة الأسر والأفراد.

لأجل هذا يسعى خبراء التكنولوجيا لإيجاد سبل أكثر فعالية لتعليم أطفالهم ومحاولة الحد من التعامل المفرط مع الأجهزة الذكية والالكترونية بمختلف أنواعها، وفي حال فشل تلك المحاولة فإنهم يرسلون أبناءهم إلى معسكرات صيفية تهدف فكرتها الأساسية إلى «العودة إلى الأساسيات»، بحيث تكون (خالية من الهواتف الذكية). على سبيل المثال يأخذ شيندلر وهو أحد خبراء التكنولوجيا أسرته إلى رحلات تخييم برية بسيطة في مناطق بعيدة، ربما تكون بعضها خالية من شبكات الواي فاي كالمناطق البرية الأمريكية.

وهو ما يفعله آخرون من مصنعي التكنولوجيا ومبتكريها، حيث يسعون الآن للتخلص من الضغط الرقمي الذي يحيط بهم وبعوائلهم بهدف إعادة التركيز، وتجربة الصمت الالكتروني لبعض الوقت.

حيتان التكنولوجيا في العالم اعترفوا في أكثر من مناسبة بأنهم يمنعون أولادهم وفق ضوابط صارمة من استخدام ما تصنعه شركاتهم من أجهزة ذكية منتشرة حول العالم.

بيل غيتس نفسه وزوجته كانا منعا أطفالهما من أن يكون لهم هاتف خاص بهم قبل سن الرابعة عشرة. كما وضع غيتس قانونا مفاده عدم السماح بتناول الطعام بجوار أي جهاز الكتروني حتى بعدما كبر أطفاله وتجاوزوا سن الرابعة عشرة.

أما ستيف جوبز صاحب شركة أبل ومديرها التنفيذي السابق فليس بعيدا عن طريقة غيتس من حيث منع الاستخدام المفرط للتكنولوجيا. في حديثه مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قبل وفاته سأله المحرر الصحفي عن مدى حب أطفاله لجهاز الايباد الذي أنتجته شركة أبل، فأجاب جوبز صراحة بأن أطفاله لم يستخدموا الجهاز بعد، وذلك لأنه يفضل أن يعيش الأطفال في بيئة تخلو من الاختراعات التكنولوجية.

في الوقت الذي يعتقد فيه الناس أن منزل جوبز مليء بالتكنولوجيا، جوبز أكد للصحفي أن منزله لا يشبه ما يتوقعه الناس ويتخيلونه، بسبب أنه لا يريد أن تسيطر التكنولوجيا على محيط أولاده، كي يعيشوا حياتهم الطبيعية ويستمتعوا بها.

تيم كوك المدير التنفيذي لشركة أبل في حديثه لصحيفة الغارديان البريطانية عن تأثير الأجهزة الذكية في حياة الأطفال ذكر أنه على الرغم من عدم إنجابه أطفالا إلا أنه يضع قانونا أمام أطفال عائلته كابن أخته الذي يحاول أن يحد من استخدامه المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي.

أما مؤسس تويتر أكبر منصة يستخدمها المغردون للتعبير عن آرائهم، فإنه وزوجته لا يفضلان أن ينشأ أطفالهما معتمدين على القراءة الرقمية كما يقول، إذ يمتلكان مكتبة كبيرة تحوي مخزونا من الكتب المتنوعة يعتمدانها كأسلوب تربوي في تدريب أولادهما على القراءة «الحقيقية» دون استخدام الأجهزة الذكية.

هذا الموضوع يفتح المجال تجاه دور الأسرة في إيجاد بدائل محببة وعملية للأطفال لتجنب الاستخدام المفرط. التكنولوجيا أصبحت واقعا مشاهدا في حياتنا ولم يعد استخدامها ترفا، ولكن من المهم تقنين هذا الاستخدام ووضع ضوابط يحترمها الجميع، كي تضمن الأسر حياة هادئة وطبيعية يعيشها أطفالها.