الخصيفان.. حارس الأمن المبتسم

الخميس - 28 مارس 2019

Thu - 28 Mar 2019

رحل كما يرحل الأبطال، وبقيت سيرته كما تبقى قصص البطولات. إنه الفريق أول صالح بن طه الخصيفان، رحمه الله، مستشار خادم الحرمين الشريفين ورئيس جهاز المباحث العامة السابق، وأحد أعمدة الأمن في بلادنا.

قدر للخصيفان أن يكون مسؤولا عن أكثر أجهزة الدولة حساسية، وخلال فترة زمنية مليئة بالأحداث الأمنية الخطيرة، حيث تغول الإرهاب وانتشار فكره وتنامي سطوته .

نجح الخصيفان في مهمته كما نجح في مهامه السابقة واللاحقة، لكن مع احتفاظه الدائم بتلك الروح البسيطة التي تعبر عنها ابتسامته الدائمة.

كان برغم حساسية منصبه؛ قريبا من الناس، متاحا للقاء في معظم الأوقات، ولا سيما تلك الأوقات التي تأخذه للمسجد لأداء الصلاة كما اعتاد.

«كان رجلا أمينا نقيا وطنيا مخلصا لم يمن فيه خبث أو سوء طوية أو لؤم... كان بسيطا ومتواضعا مبتسما هاشا باشا لا يلقاك إلا وتجد منه تلك الإنسانية الصادقة والروح الجميلة والاستقبال الحسن، وكان معروفا لدى الجميع، تسهل مقابلته رغم حساسية موقعه، وفي مسجد الحي كان حاضرا بين جيرانه، وباستطاعتك مقابلته والتحدث إليه».. هكذا يصف الراحل الخصيفان أحد الذين عرفوه عن قرب، وهو الدكتور سعود المصيبيح.

تنقل الخصيفان بين جهات أمنية متعددة بدأت كقائد لمرور العاصمة المقدسة عام 1376، ثم قائد لقوة الشرطة بها، وانتهت كرئيس للمجلس الأعلى لكلية الملك فهد الأمنية، مرورا بإدارة المباحث العامة التي قضى بها نحو 21 عاما، لينال بعدها شرف العمل مستشارا لخادم الحرمين الشريفين برتبة وزير.

تمتع الراحل بسعة أفق ونظرة بعيدة المدى، ويشهد على ذلك إيمانه بأهمية العمل الصحفي، وهي من الأفكار التي يندر اعتناقها من قبل رجال الأمن عادة، بسبب اعتماد عملهم على السرية بشكل كبير، وينقل عنه قوله «أتابع قراءة الصحف السعودية باهتمام، سواء في فترة عملي الأمني أو اليوم، وأجد أن صحافتنا لها وجودها وحضورها وأثرها وتأثيرها في قضايا الناس ومعالجة الكثير مما يحتاج لإلقاء الضوء، وفي المقابل أجد التجاوب من المسؤولين، وهو أمر جميل يحقق للصحافة قيمتها وأهدافها ويساعد على نجاحها وتحمل مسؤولياتها».

طوى الموت الفقيد صالح الخصيفان كما طوى الكثير من رجالات الوطن قبله؛ لكن أعمالهم التي ساهمت في بناء الوطن لا تزال شاهدة، وسيرتهم بمثابة قصص بطولة يستلهم منها معنى حب الأرض والإنسان في معنى الوطن.