ياسر عمر سندي

من الذي حرك حبات التمر الخاصة بي..؟

الأربعاء - 27 مارس 2019

Wed - 27 Mar 2019

التغيير في معناه البسيط هو الانتقال من حال إلى حال والتحرك الفعال في جميع الأحوال. ومطالب الإنسان الحياتية التي يرجوا تحقيقها لإرضاء طموحاته المستقبلية عديدة، وقد يغفل البعض أو يتناسون أن الحياة في تغير ديناميكي مستمر، والأذكى هو من استعد لذلك بعدته وعتاده المعرفي وتسلحه الإيماني لما سيترتب على هذا التغيير من اضطرابات وجدانية قد لا يحتمل الشخص التكيف معها لسببين رئيسين: الأول الألفة والانسجام النفسي والمجتمعي مع الحال السابقة، والثاني انعدام التوافق النفسي مع التغيير الجديد، سواء كان تغييرا في المجال العملي أو العلمي أو الزوجي أو السكني، والأمثلة على ذلك كثيرة.

والانتباه لهذين السببين مهم جدا، وذلك بزيادة الوعي والثقافة الاستباقية لتلافي ظهور الانفعالات النفسية السلبية الناجمة عن التغيير، ولاستبعاد ظهور الارتباك اللحظي المسبب لعدم التقبل والرفض أيضا. وهذا سيؤدي إلى الاعتلال والتدهور تدريجيا للشخص غير المستعد، مثل الصدمة الحضارية والثقافية والإحباط الموصل لدرجة متقدمة من الاكتئاب في بعض الحالات.

نصيحتي إلى مجتمعي السعودي الكريم وخصوصيته المتفردة عن غيره من المجتمعات لمواجهة التغيير، هي النظر باعتدال فكري وثقافي إيجابي، والتعاطي مع المتغيرات بأسلوب انفعالي واع منضبط، فمملكتي الغالية التي أحب أن أرمز إليها دوما بـ «النخلة» المعطاءة، وفرصنا القادمة لشباب الوطن الواعدين أيضا التي رمزت لها بـ «حبات التمر» المتمثلة في الوظائف الشاغرة والتجارة الحرة والاقتصاد المعرفي والتعليم الذكي والانفتاح الحاصل في النسيج المجتمعي مثل قيادة المرأة والعمل جنبا إلى جنب مع الرجل، والتقليل من التركيز على النفط الريعي في الحقول والتحول للاستثمار المعرفي في العقول، وفتح مجالات الاستثمار في السياحة لجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، والاستثمار أيضا في مجال الترفيه والحراك العام الثقافي، ما هي إلا دور كبير تقوم به قيادتنا الحكيمة التي رمزت لها بالمحرك الإيجابي لهذه الفرص المهداة للشعب، والتي تتطلب الثقة والقناعة والصبر والعمل جنبا إلى جنب لتحقيق جني ثمار الحراك الخاص بي وبك وبكل مواطن ومواطنة على هذه الأرض الطيبة الكريمة.

سيداتي وسادتي، يتوجب علينا تنمية الخلفية الثقافية والعلمية والتزود بأساليب الفهم والإدراك المعرفي لاحتواء التطورات الحياتية المستقبلية، والاستفادة من الماضي للخروج من الجمود الفكري وتعزيز التقبل الواقعي والوثوق بأن التغيير سنة كونية أوجدها الله لتتعاقب الحياة ويزيد التفكر والإيمان بأن المخترعات العصرية الالكترونية والصراعات العلمية والطبية العالمية والتبدلات البيئية لطبوغرافية الطبيعة والديموغرافية البشرية ما هي إلا تغييرات أكدها قرآننا الكريم إحقاقا لقوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد 11، وأيضا نهجتها السنة الشريفة بقيامه عليه الصلاة والسلام بالهجرة إلى المدينة مع أصحابه، مما يعتبر تغييرا مكانيا ونفسيا وثقافيا بتركه مسقط رأسه مكة والثقافة المغايرة لأهل المدينة، والتقبل الذي غرسه المصطفى في قلوب الأنصار لاستقبال المهاجرين؛ شواهد تجعل من خبراتنا التراكمية مخزوننا معرفيا وفيرا لاستيعاب وتقبل التغيير بكل سلاسة وسهولة لتجاوز الصدمة الأولية في الانتقال من حال إلى حال أفضل بمشيئة الله تعالى.

ومن وجهة نظري السلوكية والمعرفية أرى أن التغيير والتحول لمجتمعنا ما هو إلا حراك حتمي وظاهرة صحية سينعم بها الفرد على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، حيث يتوجب علينا النظر أين نحن حاليا؟ وأين سنكون من خلال تتبعنا لمسيرة الحياة المجتمعية السعودية من الماضي للحاضر؟

هذا يجعلنا مقتنعين بأن المستقبل يحمل الخير، وأن الوعي المسبق لكل ما سيحدث من تغيير قادم يجعلنا مهيئين بإيجابية ومستشرفين بالأمل الواعد بأن الليل سيعقبه نهار والعسر سيرادفه اليسر من خلال رؤية شابة واثقة وخطى ثابتة لقيادة تؤكد أن التغيير للوصول إلى الهدف المنشود ما هو إلا لتحقيق السعادة المجتمعية من خلال برامج جودة الحياة لرسم حياة كل مواطن لينظر لمستقبله بعين ثاقبة وبكل شموخ إلى أعلى هذه النخلة الباسقة وهي مملكتنا الحبيبة، لتساقط علينا تمرا جنيا تحركه وتقربه لنا قيادتنا الرشيدة.

والقادم أجمل بإذن الله تعالى في ظل رعاية كريمة وتقبل مجتمعي مسؤول من جميع الأطياف للوصول معا للرؤية المنشودة 2030.

@Yos123Omar