شاكر أبوطالب

حماية الرؤية من الاستهلاك الإعلامي!

الاحد - 24 مارس 2019

Sun - 24 Mar 2019

ليس هناك أفضل من أن يكون للوطن رؤية للمستقبل ذات أهداف استراتيجية محددة، ومؤشرات أداء قابلة للقياس، وبرامج نوعية للتنمية المستدامة، ومشاريع ذات قيمة مضافة. وهو ما حدث حرفيا للمملكة في عهد ملك الحزم والعزم، سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، القائد العارف بإمكانات الوطن وثرواته الطبيعية والبشرية، والواثق بقدرات الشباب والمؤمن بأحلامهم، تجسد ذلك في مباركته إطلاق رؤية السعودية 2030 التي رسمها وصممها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأعلن تفاصيلها في 25 أبريل 2016.

القيادة الرشيدة أطلقت الرؤية الواعدة، وفي الوقت نفسه أعلنت حربا على الفساد، وربحت معركة مهمة في هذه الحرب. وبموازاة ذلك يواصل ولي العهد الإشراف بنفسه على إطلاق برامج الرؤية، ويتابع بدقة تفاصيل تنفيذ مشاريعها، محفزا المسؤولين للدخول في سباق مستمر مع الزمن لتمكين الرؤية على أرض الواقع، ومضاعفة الجهود لتسريع العمل والإنجاز.

هذا المشهد الحيوي للسعودية لا يعكر صفوه إلا ملاحظتان أتمنى معالجتهما بحكمة وفي أسرع وقت، الملاحظة الأولى تتمثل في استخدام كلمة الرؤية في معظم ما يصدر من محتوى إعلامي، هذا التوظيف المتكرر لمفردة الرؤية يعرضها للاستهلاك وتفريغها من دلالتها الاستراتيجية، ومحتواها التنموي، من خلال ربط الأعمال المتواضعة بالرؤية، وغالبا دون وجود علاقة منطقية، وبلغت الجرأة ببعضهم وضع شعار الرؤية على بطاقة العمل الشخصية.

أدرك جيدا أهمية غرس الرؤية وتكريسها في ذهنية الفرد والمجتمع، لتحفيز الإنتاج، وتوحيد الجهود، ولكن ليس بهذه الطريقة الفجة! فكثرة الاستهلاك لمفردة الرؤية ربما يقلل من قيمتها المعنوية والاستراتيجية للمجتمع والوطن، والسماح لكل فرد أو مؤسسة باستخدام الرؤية في كل ظهور إعلامي أو في وسائل التواصل الاجتماعي يزيد من استهلاكها، وربطها بما لا علاقة له بها.

وتتمثل الملاحظة الثانية في بيانات الوظائف وأرقام فرص العمل التي تصاحب إعلان البرامج والخطط والمشاريع المنبثقة عن الرؤية، مع ثقتي بأن هذه البيانات والأرقام خاضعة للتدقيق والمراجعة، وتعبر حقيقة عن حجم وقيمة المشاريع المعلنة، خاصة في سوق عمل تشهد زيادة واضحة للعرض مقابل الطلب، نتيجة اشتراط إعلانات وظيفية توفر الخبرة قبل المؤهل الأكاديمي أو الفني، ما يزيد من صعوبة الخريج للحصول على وظيفة في ذات التخصص أو مجال التأهيل.

وفي الأيام الماضية، صرح وزير العمل والتنمية الاجتماعية بأن القطاع الخاص اليوم يستوعب 1.8 مليون موظف سعودي، جزء منهم في وظائف قيادية، وأعلن أن الوزارة بصدد إطلاق منصة «قوى» لرقمنة التعامل مع القطاع الخاص.

وأتمنى أن تتجنب هذه المنصة أخطاء المبادرات السابقة، وتتحرر من قيود البيروقراطية المعطلة للتنمية.

وإلى جانب ذلك، أقترح تأسيس منصة رقمية تابعة للرؤية، مختصة بالوظائف وفرص العمل المتولدة من برامج ومشاريع الرؤية، لتصبح بوابة لإعلان وطرح الوظائف وفرص العمل، ومتابعة التزام الوزارات والهيئات والشركات بتوفير هذه الفرص الوظيفية وطرحها بكل شفافية وتنافسية أمام الباحثين عن العمل، فتصبح هذه البوابة الرقمية منصة تفاعلية لاستقبال طلبات التوظيف والبحث عن العمل، لاستيعاب المواهب والكفاءات والموارد البشرية المؤهلة، وخفض نسبة البطالة لبناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر.