محمد حطحوط

مهمة الأميرة ريما الصعبة بواشنطن!

السبت - 02 مارس 2019

Sat - 02 Mar 2019

السعودية استراتيجيا يهمها أن تربطها علاقة وطيدة مع الدول الكبرى، وتأتي في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. ولهذا تقريبا دول العالم بما فيها المملكة لها أذرع تنافح عنها في واشنطن، تدافع عن مصالحها وتلمع صورتها أمام صناع القرار الأمريكي، والكونجرس، وفرع الحكومة التنفيذي، والبيت الأبيض.

خلال العشرين سنة الماضية شن الإعلام الأمريكي ثلاث حملات شرسة ضد السعودية، أولاها ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم حرب اليمن، وأخيرا مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي رحمه الله، الذي انتصر له سلمان الحزم.

في علم التسويق اليوم، هناك فن مستقل اسمه: إدارة السمعة Reputation Management، لأن السمعة اليوم، لك كشخص، أو شركة، أو حتى دولة، أصبح ضرورة تمليها متطلبات العصر التي تؤكد أن ما تبنيه في سنوات قد تهدمه تغريدة! لاعب سلة الأسبوع الماضي في جامعة دوك الأمريكية انقطع حذاؤه من شركة نايكي مباشرة على شاشات التلفزة، وبعدها بدقائق يظهر وسم على تويتر غاضب من نايكي، يكلف الشركة نحو ملياري دولار!

الدول حول العالم تتعامل مع أي حملات ضدها بشكل ممنهج واستراتيجي، بطيء لكنه أكيد المفعول.

السعودية تعيش في مرحلة ما بعد خاشقجي، وهناك حاجة ماسة لإعادة الوهج لسمعة السعودية، وهنا يأتي دور الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، والتي تم تعيينها سفيرة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن.

أمام الأميرة، وهي الخبيرة بالعقلية الأمريكية خلال سنين والدها الطويلة في واشنطن، تحديات كبيرة، تتطلب تفكيرا خارج الصندوق تماما.

آيباك، وهي أكبر منظمة منافحة ومؤثرة لإسرائيل في واشنطن، تقوم باجتماع سنوي - كمثال - للجمعيات الطلابية الداعمة لإسرائيل في جميع الجامعات الأمريكية، ولهم اجتماع سنوي فيه أكثر الأسئلة المثارة إعلاميا، والأجوبة عليها، وتبادل الخبرات، وغيرها من الأفكار.

السعودية اليوم لديها كمثال نحو 300 ناد سعودي في جامعات أمريكية، وهذا رقم كبير جدا، لكنها قدرات (خاملة) غير مستغلة! هناك شباب لديهم الوعي السياسي والشغف الداخلي لخدمة وطنهم، في فعاليات وأنشطة تخدم السعودية وتحسن من صورتها حول العالم (مئات الأندية الطلابية السعودية الخاملة حول العالم).

الأمر الهام في حرم الجامعات أن غالب هؤلاء الطلاب الأمريكان في مرحلة التشكل الفكري، ومن السهل أن تغير قناعاتهم أو على أضعف الإيمان أن تضعهم على الحياد، بخلاف الجهود التقليدية التي تستهدف أعمارا كبيرة قد تشكلت فكريا، ومن الاستحالة تغيير قناعاتها وكرهها الدفين لدولة مثل المملكة.

باب الشراكات مع الجهات غير الربحية المهتمة بنشر السلام والتقارب الفكري والتسامح، هو الآخر باب لم يطرق بالماضي كثيرا. السعودية تحتاج أبناءها وبناتها للدفاع عنها، لأنهم يحترقون من الداخل، ويدفعهم الشغف لخدمة وطن أحبوه صغارا ومنحهم الكثير كبارا. الاعتماد على شركات العلاقات العامة التي تتحرك مع كل حوالة بنكية لن يغير في الواقع شيئا يستحق! هكذا يقول الماضي.

mhathut@