شاكر أبوطالب

تعليم الإعلام.. التحديات وفرص التطوير

الاحد - 24 فبراير 2019

Sun - 24 Feb 2019

لأن الإعلام قوة ناعمة واستراتيجية، ومكون رئيس في منظومة الدولة، وصناعة هامة مستمرة التحول، وبيئة عمل سريعة التطور، ينبغي قراءة واقع تعليم الإعلام في المملكة، فأقسام وكليات الإعلام مسؤولة عن إمداد السوق الإعلامية بالمؤهلين في مجالات الإعلام، ومسؤولة كذلك عن جودة المخرجات التي ستواجه تحديات المشهد الإعلامي، واستثمار فرص تطويره نحو الأفضل، لمواكبة الخطوات السريعة التي يخطوها الوطن لتحقيق رؤيته الطموحة.

سأبدأ من لحظة التحاقي بسوق العمل، بعد التخرج في كلية الإعلام، حينها عايشت الفارق بين ما درسته في الجامعة وما طبقته في بيئة العمل، فوجدت أن التحصيل العلمي الأكاديمي يؤسس معرفيا بشكل مقبول، وهذه مهمة أصيلة للجامعة. لكن طبيعة بيئة العمل الإعلامية تتغير متطلباتها بوتيرة أسرع من التطوير في الجامعة. يضاف إلى ذلك ضعف مردود ساعات التدريب العملي أثناء الدراسة، بسبب غياب جدية جهة التدريب، وضعف متابعة المشرف الأكاديمي. كنت أتوقع وجود فارق بين الدراسة والوظيفة، ولكن ليس بالحجم الذي واجهته!

وتتمثل الفجوة بين قاعة الدراسة ومكتب الوظيفة في ضعف التركيز على مهارات العمل الأساسية وقيمه، وغياب التعاون بين البيئة الأكاديمية وسوق العمل، ووجود مقررات أكاديمية لا تقدم إضافة معرفية نوعية، تحديدا متطلبات الجامعة والكلية، إلى جانب تقادم المضمون العلمي لبعض المقررات الدراسية، وضعف تدريس اللغة الإنجليزية التي كانت ولا زالت مهارة أساسية في بيئة العمل، وغياب تعليم مهارات الخطابة والتفاوض، وضعف تعليم التفكير النقدي والتحليل الإعلامي لمضمون وسائل الإعلام.

في المقابل، خلق التغيير المتواصل على مستوى المهنة الإعلامية فجوة بين قدرات الخريج ومتطلبات سوق العمل، مما قلص فرص التنافس مع من سبقوه لبيئة العمل. وعلى صعيد المهنية الإعلامية، فأحيانا هناك تجاوزات ناجمة عن سوء تقدير بعض القيادات في بيئة العمل، أو عدم الإيمان بالتخصص الإعلامي.

ما سبق يقودني إلى اقتراح بعض الحلول لتطوير تعليم الإعلام وتجويد مخرجاته، فينبغي في البداية التركيز على اختيار الطلاب والطالبات وفق معايير معتمدة للمساعدة في الارتقاء بمدخلات الإعلام، من حيث استقلالية العقل، وسلامة المنطق واللغة، والقدرة على الوفاء بأساسيات الكتابة ومهارة الخطابة.

إلى جانب تكثيف تعليم اللغة الإنجليزية، وكذلك تعليم الفلسفة والمنطق وتقنيات الحوار وفن الخطابة، وتعليم مهارات التخطيط وتقنيات العرض المرئي، وتعليم مهارة البحث عن المعلومات بسرعة، وتعليم مهارة القراءة السريعة، وغرس عادة القراءة المستمرة.

في المقابل، ومن واقع خبرة بسيطة؛ تبحث سوق العمل، وتحديدا الشركات، عن الخريج المتقن للغتين الإنجليزية والعربية تحدثا وكتابة، وإجادة كتابة الكلمات وأوراق العمل والعروض المرئية والأشكال الصحفية ومحتوى المنصات الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعية، والتمتع بعلاقات مع وسائل الإعلام، والقدرة على التفاوض معها. مع القدرة على التخطيط الإعلامي للمناسبات، وإعداد تقارير رصد التغطية الإعلامية.

وأختم بطرح بعض التساؤلات التي يمكن أن تساعد في قراءة أفضل لواقع تعليم الإعلام، وأبرزها: هل البيئة الأكاديمية لتعليم الإعلام معنية بالمعرفة أو بالتدريب؟ أم بهما معا؟ وهل الأجدى حاليا تعليم الإعلام بناء على التصنيف التقليدي للوسيلة؟ وهل لا بد من تعزيز الإعلام في مراحل التعليم العام؟ من خلال إقرار مادة خاصة بالإعلام. وهل تطوير الصحافة والإذاعة المدرسية سيعزز من جودة مدخلات كليات الإعلام؟ وغيرها من التساؤلات التي غايتها تطوير تعليم الإعلام في السعودية لتخريج كفاءات مؤهلة لصناعة إعلام قوي يدعم الوطن في كل مجالاته وتوجهاته.

shakerabutaleb@