باسم مخدوم

قصة مبتعث والإرشاد الأكاديمي الفعال

الخميس - 21 فبراير 2019

Thu - 21 Feb 2019

قبل أعوام عدة حين كنت أعمل بالملحقية الثقافية في المملكة المتحدة، أتى ذلك المبتعث المميز إلى الملحقية وقابل المشرفة الدراسية التي بادلته الحديث بأن دورها هو المساعدة في حال واجه أي مشكلة تتعلق بالدراسة. أصر على رؤيتي على الرغم من وضوح شرح المشرفة الدراسية بأنه ستجري معالجة طلبه من خلالها، ولكنه أصر على مقابلتي شخصيا حتى لو تطلب الأمر الانتظار لحين انتهائي من المعاملات التي كنت أعمل عليها. استقبلته طالبا منه شرح سبب إصراره على لقائي.

بدأ شرح المشكلة وكانت عيناه نحو الحائط متلعثما في سرد المشكلة قلقا على مستقبله الدراسي، ملخصا احتياجه لرؤيتي بأنه يشعر بعدم ارتياح وثقة للحصول على الدرجة، بسبب ردود أفعال المشرف الدراسي في الجامعة، والتي تتلخص في عدم منحه الأهمية المتوقعة لمتابعة عمله الأكاديمي لمرحلة الدكتوراه، إضافة إلى انتقاد عمله باستمرار. هدأت من وضعه القلق جدا، موضحا له أن المشرف الدراسي في الجامعة هو المفتاح لاستمرار العطاء والاجتهاد نحو النجاح والحصول على الدرجة العلمية. وعلى الرغم من إصراره على الانسحاب والبحث عن قبول آخر في جامعة أخرى، ألهمني الله بأن أنصحه باللجوء إلى مكتب مساعدة الطلاب في الجامعة، والذي من خلاله يجري رفع شكوى في حال شعر الطالب بأن المشرف الأكاديمي لم ينصفه.

تواصل معي المبتعث لاحقا وقد اجتاز هذه الفترة الصعبة بمساعدة القسم المختص داخل الجامعة الذي تعاون معه لمعالجة المشكلة الأكاديمية. وبتوفيق الله وفضله حصل على درجة الدكتوراه بتفوق، متمنيا له مستقبلا سعيدا ومشرقا أينما حل وأينما كان.

ولعلي أقدم النصيحة لمبتعثي المراحل الأكاديمية، خاصة مرحلة الدكتوراه، بأنه في حال لم يتلقوا الاهتمام والحرص والمتابعة الدورية من قبل المشرف الدراسي في الجامعة، فبالإمكان التوجه إلى مكتب الطلاب داخل الجامعة ومقره في قسم اتحاد الطلاب (Student Union) أو الجهة التي تمثل طلاب الجامعة، والتي من واجباتها الاستماع والإصغاء إلى الطلاب ومساعدتهم على اجتياز الأزمة التعليمية، إضافة إلى أن أغلب الجامعات البريطانية يوجد بها موظف لإدارة شؤون الطلاب الأجانب (International Student Advisor) ومن مهامه الرئيسية ضمان الرضا التعليمي للطلاب الأجانب وتقديم النصيحة لاحتياجاتهم التعليمية.

ومن جهة أخرى فإن إحدى مهام إدارة الشؤون الأكاديمية في الملحقية الثقافية متابعة أوضاع المبتعثين الذين تعرضوا لمشاكل تعليمية خلال دراستهم، وذلك بتقديم النصيحة للطالب والتواصل مع الجامعة لمحاولة حل المشكلة.

أحيانا قد تكون المشاكل لحظية وإذا تم تقديم النصيحة الفعالة والمناسبة مبكرا تصبح المعالجة بسيطة، وبالتالي لا يتأثر الوضع الدراسي.

الجامعات في الخارج تحمي جميع من ينتسب إليها من الطلاب، سواء محليين أو أجانب، ويتضمن ذلك الاجتهادات الشخصية السلبية التي قد تصدر من المشرف الدراسي في الجامعة نحو الطالب.

يتعرض معظم المبتعثين إلى مواجهات وقلق تعليمي تجاه الدراسة وتجاه أحقية الحصول على الدرجة العلمية المبتعثين لأجلها، مما يشكل ضغطا على الطالب، وبالتالي يؤثر على المخرجات والتحصيل المعرفي. وهنا يبرز ويكمن دور الملحقية في الإرشاد الأكاديمي الفعال والوقوف إلى جانب حاجة المبتعث، يتحقق ذلك بتسخير الطاقات للتعاون والمساعدة، وتوجيه النصح المعرفي للمبتعث لرسم طريق الحصول على الدرجة العلمية المبتعث إليها.

ولم تقصر الملحقية في تضمين الإرشاد الأكاديمي للمبتعثين، بل أنشأت صفحة الكترونية على الموقع الالكتروني، توضح الطرق والنصائح المتبعة لتحقيق الدرجة العلمية، كذلك دور المشرف الدراسي في الملحقية لا يقتصر فقط على متابعة المبتعث، بل أيضا توجيهه مبكرا وإرشاده أكاديميا قدر المستطاع حتى لا يكون عرضة للإخفاق بسبب خارج عن إرادته.

بفضل من الله وتوفيقه ثم بفضل جهود المتابعة والإرشاد المبكر للمبتعثين، لوحظ انخفاض في أعداد المبتعثين الذين يتعرضون لمشاكل دراسية، وفي المقابل ازداد عدد مستحقي مكافآت التميز من المبتعثين تحديدا عام 2018 مقارنة بالأعوام السابقة، كذلك إعداد المشاركات في المؤتمرات والندوات العلمية يعد مميزا مقارنة بالأعوام السابقة.

كل هذا النجاح يتناسب طرديا مع حجم الدعم الذي تنفقه دولتنا العزيزة على جميع مراحل التعليم، مممثلة في وزارة التعليم، وبمتابعة وكالة البعثات والملحقية الثقافية، مما يثمر مزيدا من الاجتهاد في التحصيل الدراسي والبحث العلمي والحد من قلق المبتعث أثناء الدراسة. نلتقي بكم مجددا ومع أطيب الأمنيات لكم بالتوفيق والنجاح.