عبدالله العولقي

القضية الفلسطينية.. المناصرة والمتاجرة

السبت - 16 فبراير 2019

Sat - 16 Feb 2019

عندما تتحول القضية الفلسطينية إلى ورقة سياسية تتلاعب بها بعض الأنظمة السياسية كمتاجرة رخيصة تداعب بها مشاعر الجمهور العربي والإسلامي تجاه قضيتهم الأولى بنمطية ميكافيلية للوصول إلى مساعيهم السياسية والاستراتيجية فإنك تدرك أنك أمام أنظمة أيديولوجية تحمل في أبجديتها الرؤية الضيقة تجاه تعاملاتها السياسية في المنطقة، ولعل القارئ الكريم قد تفطن من مقدمتي من هؤلاء الجوقة الارتزاقية والوصولية كتنظيم الحمدين في الدوحة أو حزب العدالة والتنمية في أنقرة أو الأذرع الإيرانية المتخنجرة في الخاصرة العربية كحزب الله في بيروت أو الحوثيين في صنعاء.

ما يجمع كل هؤلاء في منصاتهم الإعلامية ومنابرهم الخطابية عدائيتهم الممنهجة ضد المملكة العربية السعودية وقادتها العظام منذ المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، حتى العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وذلك لأن سياسة المملكة الثابتة ومنهجها الحازم ومبدأها الجلي من القضية الفلسطينية تمنعهم من المتاجرة بالشعب الفلسطيني لحساب طموحاتهم الحزبية وتوسعاتهم الأيديولوجية في المنطقة، ففي نظرهم المملكة حجر عثرة أمام طموحاتهم التخريبية ومخططاتهم الفوضوية في المنطقة.

وحول الربيع العربي، لا شك أن عبثية الشرق الأوسط الجديد ومنهجيته البائسة في مؤامرة ما يسميها الإعلام الغربي بالفوضى الخلاقة قد حولت الجغرافيا العربية إلى مستنقع تنعدم فيه الأبجدية الأمنية وتعمه خرائب الأيديولوجيا الراديكالية والمذهبية وتتقاسمه الميليشيات الوحشية والإرهابية، ولذا كان الربيع العربي أداة استخباراتية ممنهجة لإشغال العرب والمسلمين وإبعادهم عن قضيتهم الأولى (القضية الفلسطينية) عبر إغراق شعوب الربيع في بحور الطائفية والقبائلية، وهذا ما نلمسه اليوم مع اللأسف الشديد في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا.

إعلام قناة الجزيرة

وتوابعه المأجورة في بعض البلدان العربية لا يزال يعزف على وتر القضية الفلسطينية كجزئية تنتمي إلى مشروع القوة الناعمة التي تروج لتنظيم الحمدين في الدوحة، وعلى نغمة النشاز التي يتبوق بها متسولو المال القطري من إعلاميي اليسار الانتهازي أو القومية المقبورة، يجري إلصاق التهم جزافا بالمملكة والتشكيك بمواقفها من القضية الفلسطينية عبر منهجية تضليلية تستعمل أفظع الأساليب الكيدية والتلفيقية المزورة دون خجل أو استحياء من العقلية العربية التي بدأت تتفطن لكل هذه الألاعيب الإعلامية المكشوفة!

لا شك أن حالة الانقسام السياسي الحاد بين الفصائل الفلسطينية وانعدام الرؤية الفلسطينية الموحدة أمام الاحتلال الصهيوني لأراضيهم المقدسة أسهما في تعميق إشكالية القضية الفلسطينية، ومنح الفرصة المثلى للموساد الإسرائيلي بتعزيز الحالة الاحتلالية باختراق الفصائل السياسية وتوسيع فجوة الخلافات السياسية بينها حتى يتمكن العدو من فرض مشروعه الاستيطاني بالقوة على الجغرافيا العربية المحتلة عبر سياسة التهجير القسرية وابتلاع الأرض العربية بتعمير مخططات الاستيطان العبثية وتشديد الحصار على القرى والمدن الفلسطينية، ومصادرة الثروات المائية والزراعية لصالح الاقتصاد الإسرائيلي.

أخيراً، إن كشف الإعلام الأجنبي والعربي عن الوثيقة المسربة من الموساد الإسرائيلي حول رفض الملك سلمان بن عبدالعزيز القاطع للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي إلا بعودة كامل الحقوق للشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية العربية وعاصمتها القدس الشرقية لتأكيد حازم على النهج السعودي القويم والثابت حول القضية الفلسطينية، ولكن ما عسى أن تقول الأبواق العمياء وجوقاتها الارتزاقية بعد كل هذا؟! أظن أن مسلسل الكذب والافتراء سيستمر في إعلامهم المأجور ومنصاتهم الارتزاقية لأنهم ببساطة لا يفقهون سوى ذلك!