أفنان محمد حياة حياة

سلبيتنا لا سلبية الوسائل

الخميس - 14 فبراير 2019

Thu - 14 Feb 2019

يكثر الحديث حول سلبية وسائل الإعلام ووسائل التواصل وألعاب الفيديو وتأثيرها على الأفراد والأشخاص، ويتم تداول عديد من مقاطع الفيديو حول هذا التأثير السلبي، والتحذيرات المكثفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول كيفية الحد من التأثيرات السلبية للوسائل والمحتويات المختلفة، وتبقى تلك الحلول حول دائرة الحد من استخدام تلك الوسائل أو الامتناع عن استخدامها لفترة معينة أو تقنين الاستخدام.

ويبدو أن إلقاء اللوم على تلك الوسائل أسهل بكثير من التفكير في الأسباب الحقيقية التي أدت لتحول تلك الوسائل والمحتويات بطريقة سلبية في حياتنا، فلا يمكننا بأي شكل أن نطرح المشكلة بمعزل عن بقية العوامل الأخرى المحيطة بالأفراد، ففي تقرير نشرته صحيفة الوطن عن الموقوفين في قضايا القتل، أكد مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية الدكتور سامي الحمود أن من بعض المثيرات لجرائم القتل التأثير غير المسبوق لوسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار الشيلات والأشعار.

ووضعت الصحيفة أيضا مشاهدة أفلام العنف والألعاب الالكترونية كأحد أسباب انتشار جرائم القتل بين الشباب. ولكن هل المحتوى يبحث عنا في وسائل التواصل أم نحن من نبحث عن المحتوى بتلك الوسائل؟ وهل الألعاب الالكترونية تزيد من معدل العنف؟ في الحقيقة تلك الوسائل ما هي إلا وسائط لنقل أفكار الأشخاص الصانعين للمحتوى، والمثيرات الحقيقية لا بد أن تكون نتاج المحيط والبيئة المحيطة بالأفراد، فوسائل التواصل الاجتماعي ربما ساهمت في انتشار الشيلات وسهولة تداولها من خلال التطبيقات، ولكن هل الوسيلة هي المسؤولة عن المحتوى؟ بالطبع لا.

وهل كان الأمر سيان إذا تم تداول الشيلات في فترة سابقة عن التطور التكنولوجي وفي عصر الكاسيت؟ العوامل التي أدت إلى بروز ظاهرة الشيلات وتداولها كانت نابعة من ظروف محيطة ساعدت على ظهورها وانتشارها في فترة معينة، بمعنى أن الحد من تأثير تلك الشيلات كمؤثرات على زيادة جرائم القتل لا يقع على الوسيلة أو النقال بقدر ما يقع على الأشخاص أو الأفراد صانعي المحتوى.

ولمعرفة أسباب رواجها لا بد لنا من أن ندرس الحالات الاجتماعية والاقتصادية التي أدت لتكون لها تأثيرات سلبية، وهذا الأمر نفسه يقع على المحتويات الأخرى مثل ألعاب الفيديو وحالات العنف، فالمحتويات وحدها غير قادرة على التأثير بشكل مباشر على الأفراد إلا في حال وجود البيئة المناسبة التي تستقبل هذه المحتويات.

في مقطع متداول قبل فترة لطابور الصباح لمجموعة من الطلاب بالصفوف الابتدائية وهم يؤدون تمارين الصباح رجح عديد منهم أنها حركات لعبة الفورتنايت التي انتشرت بشكل كبير بين الفئات العمرية المختلفة! ولكن يبقى السؤال: من المسؤول عن وضع تلك الأجهزة بأيدي الأطفال وتركهم دون رقابة؟ فليست الوسائل والمحتويات ملامة بقدر تلك الظروف المحيطة والبيئة التي سمحت للأطفال باستخدام تلك الألعاب بطريقة سلبية. في الأخير علينا دراسة جميع العوامل المؤدية لظاهرة معينة مرتبطة بسلبية الوسائل، لمحاولة فهم التأثيرات بشكل أعمق وأشمل، ووضع حلول منطقية تساهم في الحد من ظهور المشكلات التي تعزى أغلبها للوسائل والمحتويات.

afnan_hayat@