حسن علي القحطاني

ستبقى السعودية خطا أحمر ما بقينا

السبت - 09 فبراير 2019

Sat - 09 Feb 2019

من أكثر ما يلفت نظري في وسط الشعارات السياسية هو الحمار الذي يعتمده الحزب الديمقراطي الأمريكي شعارا له، وقصة تبنيهم لهذا الشعار منشورة وليست محور مقال اليوم، إلا أن من الثابت تاريخيا أن الحمير التي نقلها معه القرصان كريستوف كولومبس إلى أمريكا كانت أربعة ذكور واثنتين من الإناث، تزاوجت مع خيول الهنود الحمر لتلد البغال التي استخدمها الغزاة الإسبان في استكشاف القارة الجديدة، وبعد استقلال أمريكا، استورد الرئيس جورج واشنطن أول دفعة من الحمير إلى أمريكا. الحمار لم يحتل مكانا فعليا في الحياة الأمريكية إلا خلال القرن التاسع عشر عندما فضله المنقبون عن الذهب على الحصان والبغل، لقدرته على حمل المعدات في الأراضي الوعرة، ولكن إنشاء سكك الحديد في النصف الثاني من القرن نفسه دفع أصحاب الحمير إلى إطلاقها في البراري والصحاري، حيث لا يزال أحفادها يتناسلون حتى اليوم.

أجزم أن الحزب الديمقراطي الأمريكي أدرك أن من يمثلون شعاره، أو من يلعبون دوره بالنيابة في الشرق الأوسط احتلوا مكانا فارغا بلا مكانة، وأن من كان يعتمد عليهم كأدوات لرسم الأهداف البعيدة كالمثلث القطري التركي الإسرائيلي كان الفشل حليفا لهم، رغم ما قدم لهم من دعم خفي أو علني، منهم من توهم القدرة على التأثير والتغيير في القوى الاستراتيجية فوجد نفسه معزولا عن محيطة وغارقا في بحر الخوف من مؤامراته، ومنهم من أشغلته أوهام الزعامة فغرق وأغرق شعبه، ومنهم من استطاع توظيف الدعم بقدر ما يحقق خططه ويخدم أهدافه العرقية المقيتة، إضافة إلى أن التخبط الواضح في سياسة الرئيس ترمب وضعفه في إدارة أزمات حكومته، وتذبذب مواقفه مع الحلفاء والخصوم على حد سواء، سمحت للديمقراطيين بإثارة كل هذه الفوضى في المشهد السياسي الأمريكي، حتى إنها وصلت إلى أروقة البيت الأبيض.

من يعتقد أنه يستطيع أن يملي ما يتعين القيام به على دولة ذات ثقل إقليمي ودولي بحجم المملكة العربية السعودية أو ما ينبغي أن يفعله قادتها فهو واهم، وبكل يقين يثير أمره السخرية، وأرى أن ما يدار الآن في الكونغرس يضع مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية على محك خطير، وإن نجحت السعودية دبلوماسيا في تأجيل المواجهة المباشرة في هذه الجولة، إلا أن غياب تأثير الحزب الجمهوري والحكومة الترمبية وانشغالها بملفات كثيرة من أحدثها انتخابات العام المقبل، وتعاطي الديمقراطيين بهذه الكيفية مع قضية خاشقجي، تنذر بأن هذا أقل ما سنواجهه خلال السنوات الأربع المقبلة، وأصبح من الضروري إعادة ترتيب أوراق التحالفات.

أخيرا، سيأتي يوم يدركون فيه أن السعودية تفوقت على الجميع، ونجحت في إسقاط الأقنعة وفضح المستور بمهارة عالية أبهرت كل المشاهدين، فالأمة التي يعرف رجالها كيف ينتصرون هي الأمة الجديرة بالحياة. وستبقى القيادة السعودية خطا أحمر ما بقينا. الكلام للكونجرس الأمريكي، والإعلان للجميع. نقطة آخر السطر.