عبدالله المزهر

نعم نحن محور الكون!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 07 فبراير 2019

Thu - 07 Feb 2019

«محور الكون» عبارة تهكمية مما جرى على ألسنة الناس يوصف بها الشخص الذي يظن أن الجميع يتربص به أو أن تصرفات الآخرين ومواقفهم تعنيه في المقام الأول، وأنه الغاية التي تريد كل الوسائل أن تصل إليها.

ومحور الكون يعامل معاملة الغول والعنقاء والخل الوفي، أي أنه شيء لا وجود له. فكل الكائنات مشغولة بنفسها.

والحقيقة أني كنت أستخدم هذا الوصف أيضا على سبيل التهكم، وأظن أني أنا الوحيد الذي يمكن ينطبق عليه هذا الوصف، وإذا لم ينطبق علي فإنه لن يصلح للاستخدام مع أي أحد آخر. لكني كالعادة اكتشفت أني مخطئ، وأني في ضلالي القديم حيث لا أبصر الأشياء على حقيقتها إلا بعد أن تتجاوزني.

وبعيدا عن التهكم والسخرية فإني بدأت أقتنع أن السعودية هي محور الكون فعلا، لا تهكما ولا مجازا، هي الغاية التي يريد الوصول إليها الأعداء والأصدقاء وما بينهما، وأن «المصلحة» العليا لدى كثير من الدول والحكومات في هذا الكوكب البائس هي أن تكون السعودية ضعيفة سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيا.

داعش تقاتل في سوريا والعراق، وبوكو حرام تقاتل في أدغال أفريقيا، وآخرون من ذات العينة يقاتلون في دول لم أسمع بوجودها من قبل، وكلهم يرفعون شعارا واحدا وهو «تحرير أرض الحرمين»، والبعثيون والقوميون واليساريون واليمينيون يرون أن درة التاج هي «الجزيرة العربية»، والحوثيون يلعنون أمريكا وإسرائيل واليهود ثم يطلقون صواريخهم على مكة وأبها والرياض.

غلاة التطرف وغلاة الانحلال كلهم يرون السعودية هي الباب الذي يجب أن يفتح أو»يكسر» لكي يعبروا بسلام إلى غاياتهم.

خطأ السعودية تتلقفه «مايكروسكوبات» العالم، فيكبر حتى يراه الجميع ويشبع نقدا وتأليفا وإضافة وتهويلا. وصوابها إما أن يتم تجاهله أو يتعامل معه بجحود ونكران، أو يصور على أنه صواب من أجل مآرب أخرى شريرة.

والحقيقة أيها الناس أني لست ضد أن يتحدث عن السعودية بسوء أو أن تنتقد تصرفاتها وأفعالها، فهذا أمر منطقي ومفهوم ولازم حين تكون كبيرا ومهما، لا يمكن أن تقبل فكرة أن تكون مهما ومؤثرا دون أن تقبل معها فكرة أنك معرض للنقد. الصغار وحدهم لا أحد يلتفت لهم.

لكني أيضا أعتقد أن الموضوع أصبح مبالغا فيه، وأصبحت السعودية في السر والعلن، وفي تفكير الأصدقاء والأعداء هي الغاية التي تصح من أجلها كل الوسائل. هي الورقة الرابحة في انتخابات دول عظمى ودول وشعوب لا تعرف أين تقع السعودية على الخارطة، وهي الأجندة الخفية في ملفات الإخوة الأشقاء.

وعلى أي حال..

أعلم أن «بعض» الناس الآن يهم أن يقول لي ما أسمعه دوما: أنت مهووس بنظرية المؤامرة، وأن العالم مشغول بنفسه ولم تدخل رأسه حتى تتمنى الخروج منه.

ولكن الأمر يا صديقي المتحفز للهجوم لم يعد غيبيا ولا مادة قابلة للتخمين، إنه أوضح من أن يشرح، وعدم إبصاره يعني وجود خلل في بصرك وبصيرتك، وتذكر يا صديقي، أن الذي يمدحك بما ليس فيك مثل الذي يشتمك بما ليس فيك، كلاهما يستخدم الكذب للتأثير عليك من أجل مصلحته.

agrni@