تسامَ وامحُ.. «تسامح»
الأربعاء - 23 يناير 2019
Wed - 23 Jan 2019
سعدت مؤخرا بشعار أطلقته دولة الإمارات من خلال قيادتها استشرافا للعام الميلادي الجديد، بأن يكون عام «التسامح 2019»، وهي مبادرة مجتمعية عليا من لدن رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد حفظه الله، لتحفيز الأفراد على التعايش السلمي المتسامح بين كل شرائح المجتمع. وما دفعني للكتابة هو يقيني بأن المولى عز وجل خلق البشر مختلفين في صورهم وأنماطهم وطبائعهم وعاداتهم وتقاليدهم وانتماءاتهم، والاختلاف أيضا حاصل بين الجنسين الذكر والأنثى في النواحي الفسيولوجية والسيكولوجية.
ولا شك أن الاختلاف وارد بين الماضي والحاضر وبين من عاش قديما بفكر معين ومن لديه أفكار حديثة، وبين من لديه فكر منفتح ومن هو عكس ذلك في الوعي، وهذا أمر حتمي أوجده الله رحمة بخلقه حتى يعمروا الأرض وتجري سنة القدير لتحقيق المقادير. إذن لا بد من وجود الاختلاف حتى يحدث الاتفاق.
وأرى أن ثقافة الاختلاف ظاهرة صحية تساعد على التعايش والتبادل المعرفي والثقافي بين البشر، بل وتدفع الجميع لإحداث توليفة مجتمعية صالحة لتعلم العلم والعمل والإنتاج، وأيضا هنالك أمر آخر يجب علينا ألا نغفله وهو الفرق بين الاختلاف والخلاف، والتركيز على التمييز بين المصطلحين لأمرين، هما علمنا بوجود الاختلاف البشري، وهذا المهم، أما الأهم فهو الأمر الثاني وهو كيفية تقبل الآخر حتى لا يحصل الخلاف.
من الطبيعي ألا تتطابق الصورتان بين شخص وآخر إذا آمنا بالفطرة والصبغة الإلهية، لذلك نجد كثيرا من المشاكل والمناوشات والتشبث بالرأي والانتصار للأفكار بسبب إغفال البعض أن بني آدم مجبولون على الخطأ، حيث أوجد الله سبحانه وتعالى الخطأ في سيكولوجية الإنسان وشخصيته حتى يسترجع مرارا وتكرارا ويتوب فيتوب عليه خالقه.
وأرى أن الخطأ نوعان، الأول «الخطأ مع البشر»، وهذا ينشأ من خلال المشاحة أي الأخذ والرد والشد والجذب والمصالح الشخصية عن طريق جلب المنفعة أو دفع المضرة. والثاني هو «الخطأ مع رب البشر»، ويحدث من خلال التجاوز البشري لحدود الله، وهو ما يعرف بـ «ظلم النفس»، وهذا يكمن في العلاقة بين العبد وربه، والذي يغفره الغفار من خلال التوبة الصادقة وكثرة الاستغفار ورحمته بنا. أما الأخطاء بين البشر وهذا بيت القصيد من المقال فيتبعه التسامح والعفو الأخوي الصادق قلبيا وفعليا حين قال رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام «امحها يا علي»، وذلك في صلح الحديبية وكتابة الوثيقة بين المسلمين وكفار قريش، لعلم النبي أن المحو يعني السمو عن الزلات والتأليف لذوي القربات.
و»التسامح» من وجهة نظري السلوكية هي حالة إنسانية وانفعال قِيَمي تنقسم إلى نصفين، أولا التسامي وهو الترفع وبلوغ ذروة الرقي اللفظي والفعلي والإيمائي مع الآخرين حال خطئهم، والنصف الثاني هو المحو أي تكرار سلوك التغافل مع اقتران التناسي لمواقف الخطأ.
وحالة التسامح يعتاد عليها الإنسان بمنهجيتين، أولا بالتربية السلوكية السليمة على التخلص من الأحقاد والضغائن والبعد عن مواطن الخلافات واجترار المواقف السلبية للماضي، وثانيا بمداومة اللوم للذات برقابتها وتقويمها لتنقية النفس من أدرانها واستشراف الخير في التعامل مع الآخرين، قال تعالى «إلا من أتى الله بقلب سليم».
وسلامة القلب تكمن في تنظيفه المستدام بأسلوب المحو. وهنا يأتي دور التماس الأعذار للتجاوزات والزلات طلبا لرضا الخالق وتوددا مع المخلوق، لاستمرار وبقاء صلة الرحم لذوي القربي والأخوة بين الناس. وهذا لا يعني أن نفرط في حقوقنا أو أن نتقبل الإهانة لأنفسنا وآدميتنا التي كرمها الله واستأمننا عليها. ولكن ليبقى التسامح سمة وطابعا ملاصقا لفطرتنا وتصرفاتنا في تعاملاتنا اليومية والحياتية مع غيرنا.
همسة تسامح.. عش بتسام وامح الكدر ومت مسامحا لكل البشر.
@Yos123Omar
ولا شك أن الاختلاف وارد بين الماضي والحاضر وبين من عاش قديما بفكر معين ومن لديه أفكار حديثة، وبين من لديه فكر منفتح ومن هو عكس ذلك في الوعي، وهذا أمر حتمي أوجده الله رحمة بخلقه حتى يعمروا الأرض وتجري سنة القدير لتحقيق المقادير. إذن لا بد من وجود الاختلاف حتى يحدث الاتفاق.
وأرى أن ثقافة الاختلاف ظاهرة صحية تساعد على التعايش والتبادل المعرفي والثقافي بين البشر، بل وتدفع الجميع لإحداث توليفة مجتمعية صالحة لتعلم العلم والعمل والإنتاج، وأيضا هنالك أمر آخر يجب علينا ألا نغفله وهو الفرق بين الاختلاف والخلاف، والتركيز على التمييز بين المصطلحين لأمرين، هما علمنا بوجود الاختلاف البشري، وهذا المهم، أما الأهم فهو الأمر الثاني وهو كيفية تقبل الآخر حتى لا يحصل الخلاف.
من الطبيعي ألا تتطابق الصورتان بين شخص وآخر إذا آمنا بالفطرة والصبغة الإلهية، لذلك نجد كثيرا من المشاكل والمناوشات والتشبث بالرأي والانتصار للأفكار بسبب إغفال البعض أن بني آدم مجبولون على الخطأ، حيث أوجد الله سبحانه وتعالى الخطأ في سيكولوجية الإنسان وشخصيته حتى يسترجع مرارا وتكرارا ويتوب فيتوب عليه خالقه.
وأرى أن الخطأ نوعان، الأول «الخطأ مع البشر»، وهذا ينشأ من خلال المشاحة أي الأخذ والرد والشد والجذب والمصالح الشخصية عن طريق جلب المنفعة أو دفع المضرة. والثاني هو «الخطأ مع رب البشر»، ويحدث من خلال التجاوز البشري لحدود الله، وهو ما يعرف بـ «ظلم النفس»، وهذا يكمن في العلاقة بين العبد وربه، والذي يغفره الغفار من خلال التوبة الصادقة وكثرة الاستغفار ورحمته بنا. أما الأخطاء بين البشر وهذا بيت القصيد من المقال فيتبعه التسامح والعفو الأخوي الصادق قلبيا وفعليا حين قال رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام «امحها يا علي»، وذلك في صلح الحديبية وكتابة الوثيقة بين المسلمين وكفار قريش، لعلم النبي أن المحو يعني السمو عن الزلات والتأليف لذوي القربات.
و»التسامح» من وجهة نظري السلوكية هي حالة إنسانية وانفعال قِيَمي تنقسم إلى نصفين، أولا التسامي وهو الترفع وبلوغ ذروة الرقي اللفظي والفعلي والإيمائي مع الآخرين حال خطئهم، والنصف الثاني هو المحو أي تكرار سلوك التغافل مع اقتران التناسي لمواقف الخطأ.
وحالة التسامح يعتاد عليها الإنسان بمنهجيتين، أولا بالتربية السلوكية السليمة على التخلص من الأحقاد والضغائن والبعد عن مواطن الخلافات واجترار المواقف السلبية للماضي، وثانيا بمداومة اللوم للذات برقابتها وتقويمها لتنقية النفس من أدرانها واستشراف الخير في التعامل مع الآخرين، قال تعالى «إلا من أتى الله بقلب سليم».
وسلامة القلب تكمن في تنظيفه المستدام بأسلوب المحو. وهنا يأتي دور التماس الأعذار للتجاوزات والزلات طلبا لرضا الخالق وتوددا مع المخلوق، لاستمرار وبقاء صلة الرحم لذوي القربي والأخوة بين الناس. وهذا لا يعني أن نفرط في حقوقنا أو أن نتقبل الإهانة لأنفسنا وآدميتنا التي كرمها الله واستأمننا عليها. ولكن ليبقى التسامح سمة وطابعا ملاصقا لفطرتنا وتصرفاتنا في تعاملاتنا اليومية والحياتية مع غيرنا.
همسة تسامح.. عش بتسام وامح الكدر ومت مسامحا لكل البشر.
@Yos123Omar