مي محمد الشريف

الأكراد بين فكي القرش

الجمعة - 04 يناير 2019

Fri - 04 Jan 2019

ودع العالم 2018 بأحداث سياسية متسارعة، رأينا فيها الغضب الأصفر عبر شوارع فرنسا، وشجارات في أروقة البرلمان البريطاني، مرورا باتفاق اليمن في السويد والقرار المفاجئ بانسحاب أمريكا من سوريا الذي كانت طعنة في ظهر القوات الكردية التي طالما عدت نفسها الحليف الأهم للحكومة الأمريكية في قتال جماعة داعش الإرهابية. وبسبب الانسحاب باتت الأنظار هذه الأيام تتجه نحو الأجواء المشحونة وسط مخاوف من تفجر كارثة ضدهم وترقب حذر حول مستقبلهم بين فكي القرش التركي من جهة والأسماك المتوحشة السورية والروسية من جهة أخرى، حيث لن يتوانى هؤلاء في القضاء عليهم وقتل أي طموح حول إنشاء دولة مستقلة بعد ارتفاع آمالهم مع الدعم الأمريكي لهم من سنوات عدة.

تلاقت المصالح الأمريكية مع الكرد بعد انتشار مقاتلي داعش في العراق وسوريا وفشل المعارضة في القضاء عليهم، فجرى نشر القوات الأمريكية بجانب الوحدات الكردية في شمال سوريا والعراق، وأعلن البنتاغون حرصه على تدريب وتسليح الأكراد بما يلزم من مدافع ومدرعات وأسلحة ثقيلة وخفيفة، إضافة إلى بعض الملابس والأدوات العسكرية التي تعدت قيمتها 300 مليون دولار لدواعي قتال داعش. هذا الدعم منح الأكراد قوة وطموحا انعكسا بصورة واضحة على وضعهم العسكري والسياسي الذي أدى في 2014 إلى إجراء استفتاء حول استقلال إقليم كردستان عن بغداد، معتقدين باستمرارية الدعم الأمريكي لهم، ولكن تخاذلت آمالهم بانقلاب ومعارضة واشنطن للاستفتاء، مؤكدة دعمها الكامل لوحدة الأراضي والدولة العراقية.

الخيارات الحالية لدى الأكراد قليلة بعد تبين أن المصالح الأمريكية لهذا العام تحتم عليها الانقلاب مرة أخرى والتخلي عنهم لإعادة بناء تحالفات وفق مصالح واستراتيجيات جديدة للشرق الأوسط. فعلى الأكراد الاستعداد لأسوأ الاحتمالات، وهو انتقام تركيا وبطش نظام الأسد وهجوم القوات الإيرانية متمثلة بالحرس الثوري في سوريا والحشد الشعبي في العراق. أما روسيا، فعلاقتها معهم قائمة إلى حد ما، وقد تكون أكثر حذرا بعد ازدياد نفوذها ومسؤولياتها في المنطقة، والتي تبينت معها ثقة وعزم الدبلوماسية الروسية وتفوقها مقارنة مع القرارات الأمريكية التي ما زالت تعالج الضعف السياسي الذي عانت منه في عهد أوباما.

من هم الأكراد

يعد الأكراد أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط، يتراوح عددهم بين 20 و 30 مليون نسمة يجمعهم العرق، والدين، والثقافة، واللغة، ولا تجمعهم دولة، لكنهم موزعون بين الدول المحيطة بإقليم كردستان، وهي: تركيا، سوريا، العراق، إيران، أرمينيا.

لماذا ليس لدى الأكراد دولة؟

عام 1920 وقعت الدولة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى على معاهدة سيفر التي نصت على وجود دولة كردية على الحدود التركية، ولكن سقطت بعد 3 سنوات، إثر توقيع مصطفى كمال أتاتورك معاهدة لوزان التي ألغت المعاهدة الأولى ونصت بنودها على عدم وجود دولة كردية. فانتهى حال الأكراد كأقليات، وعلى مدار القرن الماضي سحقت كل المحاولات لتأسيس دولة كردية مستقلة.

ReaderRiy@