عبدالله المزهر

لا ساكنا «عرفت» ولا سكنا..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 27 ديسمبر 2018

Thu - 27 Dec 2018

رأيت كما رأى الناس وزارة الإسكان وهي تبني منزلا في يومين، أو تركب قطعه بمعنى أكثر دقة. والحقيقة أن هذا أمر جميل لكنه ليس إنجازا، وهذا ليس تقليلا ـ معاذ الله ـ من الجهد الذي تبذله وزارة الإسكان، ولكنه ليس إنجازا لأن هذه الطريقة في البناء معمول بها منذ سنوات، وكثير من المباني الحكومية بنيت بهذه الطريقة قبل عقود مضت.

ثم إنه ليس إنجازا لسبب آخر لو افترضنا جدلا أن هذه الطريقة جديدة وأن وزارة الإسكان هي أول من عمل بها في هذا الكوكب، وهو أن مشكلة الباحثين عن السكن لم تكن أبدا في مدة البناء، أظن أنهم يريدون البدء في البناء ثم لا يهم متى سينتهون منه، وأظنهم يتقبلون فكرة البناء في عامين برحابة صدر ويجدونها أمرا رائعا.

والمشكلة الأخرى أني حيث أبحث عن منزل للشراء فإن مساحته وسعره والعلاقة بينهما هي ما سأفكر فيه، وهي من ستحدد هل أنا قادر على شرائه أم إني سأكتفي بالنظر إليه، لن أكون مهتما البتة بالمدة التي استغرقها البائع في عملية البناء. حتى لو كان بناه في خمس دقائق، هذا الأمر لا يشكل فارقا للباحث عن السكن.

ومن باب الإنصاف فإن وزارة الإسكان موقرة ومشكورة تقوم بالكثير من الجهد، لكن المشكلة تكمن في أنا لأني لم أستفد من هذه الجهود، فقد أرسلت لي الوزارة كثيرا من الرسائل النصية تخبرني أني مرشح لأحد مشاريعها العارية وأن كل ما عليّ فعله هو الذهاب للموقع المحدد وسأجد ما يسرني، وقد ذهبت مرتين ووجدت أناسا يعملون بكل تفان وإخلاص ويدلونني على المكان الذي سآخذ منه القرض وعلى الشركة التي ستبيعني المنزل. والحقيقة أني مقدر لهذا الجهد، ومتفهم لدقة العمل وانسيابيته، لكني أستطيع القيام بهذا بنفسي، أستطيع الذهاب للبنك وأخذ قرض عقاري ثم الذهاب إلى بائع وشراء المنزل دون حاجة لدور الوساطة الرائع الذي تقوم به الوزارة مشكورة.

الأمر الآخر الذي يشكل معضلة بالنسبة لي ـ وهذا لعيب في تفكيري وليس في الوزارة حاشاها من كل عيب ونقيصة ـ هو أني أجد صعوبة في تصديق الجهات التي تعتمد على المشاهير في الدعاية، خاصة إذا كانت الخدمات التي تقدمها لا تحتاج إلى دعاية. فبعض الجهات مثل وزارة الإسكان دعايتها الوحيدة التي ستلقى رواجا دون تكاليف هي أن يسكن الناس، أو ألا يصبح حصولهم على إسكان مشكلة ولا معضلة، لا أكثر ولا أقل. والناس ـ كما تعلمون ـ لا يسكنون في عروض «البور بوينت»، ولكنهم يسكنون في البيوت حسب آخر معلوماتي.

وعلى أي حال..

لا مشكلة في أن تعتبرني الوزارة ـ ومشاهيرها ـ واحدا من محدودي الفهم الذين لم يستوعبوا ما تقوم به، ولا مشكلة لدي في أن تكون كل تصوراتي عنها خاطئة، سأكون سعيدا إن كنت مخطئا أكثر من سعادتي لو كان ما أعتقد عنها وعن منتجاتها صحيحا.

agrni@