ناصر الهزاني

ما دلالات زيارة الرئيس السوداني لدمشق؟.. قراءة في المشهد الحالي

الخميس - 20 ديسمبر 2018

Thu - 20 Dec 2018

ليس من قبيل المصادفة أن تأتي زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لدمشق قبل أيام من بدء سحب القوات الأمريكية من سوريا وإعادتها للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أوضحت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية دانا دبليو وايت أن التحالف الدولي لمحاربة «داعش» حرر الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، لكن الحملة لم تنته بعد، حيث بدأنا عملية عودة القوات الأمريكية إلى الوطن من سوريا، ونحن ننتقل إلى المرحلة التالية من الحملة.

زيارة البشير إلى سوريا، والتي جاءت لتكون الزيارة الأولى لرئيس عربي إلى دمشق منذ بدء الأزمة السورية في ربيع 2011 وقبل أيام من سحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، لا يمكن فهمها بمنأى عن تصريح وزارة الخارجية الروسية بأن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها يفتح آفاقا للتسوية السياسية في هذا البلد.

في الوقت الذي قوبلت فيه زيارة الرئيس عمر البشير المفاجئة لسوريا ولقائه بالأسد بصمت وتجاهل رسمي وإقليمي ومن جامعة الدول العربية، فإنه من الواضح أن هذه الزيارة تحمل في طياتها كما يرى مهتمون، رسائل ومؤشرات حملها البشير من بعض العواصم العربية إلى دمشق، منها أنها ربما تكون مقدمة لعودة الاتصالات العربية معها، والبدء بحلحلة الملف السوري الذي من المتوقع أن يمهد لعودة سوريا إلى الجامعة العربية. لكن من السابق لأوانه معرفة الكيفية التي سيجري بموجبها تطبيق ذلك.

هذه الزيارة التي لم يعلن عنها مسبقا واستمرت لساعات، عاد بعدها الرئيس السوداني إلى الخرطوم ليؤكد عبر بيان صادر عن الرئاسة السودانية أن الرئيسين أكدا أن الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية تتطلب إيجاد مقاربات جديدة للعمل العربي.

وعلى ما يبدو فإن زيارة البشير لدمشق كانت تمهد كذلك لتفاهمات تركية سورية على الأرض، حيث بدأت تركيا وبالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة انسحابها العسكري من سوريا، بإرسال الجيش التركي تعزيزات جديدة قرب الحدود مع سوريا، في إطار الاستعدادات لشن عملية جديدة سبق أن أعلنت عنها تركيا ضد المسلحين الأكراد في منطقة شرق الفرات خلال أيام قريبة، متعهدة بمهاجمة مدينة منبج في محافظة حلب حال عدم إخراج الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية منها.

وما يؤكد أن زيارة البشير كانت تمهد لتفاهمات تركية سورية هو تصريح وزير الخارجية التركي أثناء الزيارة مولود تشاووش أوغلو عن استعداد تركيا للنظر في العمل مع الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية، في حين كانت تعتبره أنقرة رئيسا غير شرعي خلال السنوات الماضية.

زيارة البشير الأخيرة لدمشق لم تكن لتحدث دون غطاء عربي لها من بعض الدول العربية وبموافقة الكرملين المتنفذ حاليا في سوريا، ولا ننسى أن موسكو سبق أن استقبلت البشير رغم أنه مطلوب دوليا، وحاليا أجرى مستثمرون روس مفاوضات في السودان من أجل إنشاء مصفاة لتكرير النفط الخام في مدينة «بورت سودان» على البحر الأحمر، حيث أبدت موسكو رغبتها في التعاون المشترك مع الخرطوم باستكشاف النفط والمعادن.

من الواضح أن زيارة البشير تأتي ضمن تغيرات وتفاهمات دولية ستشهدها المنطقة خلال الفترة المقبلة وبدأت أبرز مؤشراتها في الزيارة الأخيرة.

nalhazani@