ناصر الهزاني

هل بات على الصحفيين أن يتحسسوا مواقعهم؟

الاثنين - 10 ديسمبر 2018

Mon - 10 Dec 2018

هل بات على الصحفيين في مختلف وسائل الإعلام أن يتحسسوا مواقعهم؟ وهل هذه حقيقة أم توقع وخيال؟

قبل فترة انتشر مقطع فيديو بثته وكالة أنباء الصين «شينخوا» يظهر فيه «كيو هاو» أول مذيع آلي ظهر على الشاشة يلقي نشرة إخبارية، المذيع الذي ظهر بربطة عنق حمراء اللون وبدلة عده بعض المشاهدين والمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعية لا يختلف كثيرا عن البشر، أي عن المذيع الحقيقي!

مواقع التواصل ووسائل الإعلام العالمية تناقلت المقطع وانتشر على نطاق واسع بين مصدق لوضع جديد سيكون له حضوره في المشهد الإعلامي في المستقبل القريب، وبين من يراه مجرد تجربة لا ترقى لمستوى التطبيق الحقيقي وستواجه صعوبات يستحيل معها أن تتحقق، إذ لا يمكن أن يحل المذيع الآلي محل المذيع البشري الحقيقي، ولعل من أهم الأسباب أن المذيع الآلي حتى وإن استطاع إلقاء نشرة الأخبار بإتقان وحرفية إلا أنه لا يملك الإحساس وسرعة البداهة الموجودين لدى البشر.

بعد هذا الحدث المهم شعر بعض الصحفيين بمخاوف من هيمنة الروبوتات الذكية على مواقعهم ووظائفهم التي يشغلونها. طرح بكين لأول قارئ ومذيع لنشرة أخبار في العالم يعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي القادم بقوة، يعد تهديدا واضحا للمذيعين الذين يعملون على الأرض، ويتمتع بعضهم بخبرات إعلامية تمتد لسنوات طويلة.

تعبيرات الوجه التي ظهر بها «كيو هاو» رأى البعض أنها كانت طبيعية تماما، حيث كان يرفع حاجبيه قليلا ويغمض عينيه أثناء إلقاء نشرة الأخبار بحركات توحي للمشاهد بقربه وعدم وجود فرق في أدائه مع المذيع الحقيقي، هذه الحركات التي بدت طبيعية حبست أنفاس المشاهدين عند رؤيتها لأول مرة بحسب وصف صحيفة الغارديان البريطانية.

كيو هاو الذي قدم نفسه للمشاهدين في أول إطلالة له عبر الشاشة ذكر أنه سيرافقهم على مدار 365 يوما، وليس خلال 24 ساعة فقط، بهدف إطلاعهم عن قرب على كل جديد يقع في مختلف أنحاء العالم، في إشارة إلى أنه سيظل معهم يزودهم بما يحتاجونه دون كلل أو تعب.

لم تتوقف «شينخوا» عند هذا الحد، بل أبهرت متابعيها بتوفير مقدم نشرات آلي آخر يتحدث الإنجليزية، وظهر ليقول للمشاهدين بكل ثقة إن تطوير صناعة الإعلام يتطلب الابتكار المستمر والتكامل العميق مع التقنيات المتقدمة الدولية، وإنني أتطلع إلى تقديم تجارب إخبارية جديدة لكم، طالما أنني مزود بنص مكتوب، فليس هناك ما يمنعني من التحدث كمذيع للأخبار.

عملت «شينخوا» منذ مدة على تطوير القارئ الآلي لنشرات الأخبار بالتعاون مع محرك البحث الصيني «سوغو» كي يصبح قادرا على التفاعل بشكل جيد، ويتمكن من محاكاة الصوت وحركات الوجه والإيماءات البشرية، بشكل يوحي بأن ما يقدمه المذيع الآلي نابض بالحياة على عكس ما هو متعارف عليه بأن الروبوتات باردة.

في الوقت نفسه عمدت شركة يابانية متخصصة بتكنولوجيا المعلومات إلى تقديم التجربة نفسها لتكون منافسة للنموذج الصيني بتقديم أول روبوت مذيعة في العالم تدعى «إريكا»، بالتعاون مع محطة تلفزيونية محلية، حيث تم العمل على تصميمها لتكون قريبة الشبه بالمذيعات الحقيقيات بحيث لا يشعر المشاهد بأن هناك فرقا بينهن.

نعود لنطرح التساؤل الذي طرحناه في بداية المقال: هل بات على الصحفيين في مختلف وسائل الإعلام أن يتحسسوا مواقعهم؟ وهل هذا حقيقة أم مجرد توقع وخيال؟

أترك الإجابة لكم أعزائي. لكن من الواضح أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وما تحمله من تطورات متسارعة مستقبلا تحمل في طياتها توظيف التقنيات الحديثة ليس فقط في قراءة النشرات الإخبارية، بل في مختلف الصناعات الأخرى التي يحتاجها الإنسان وتتطلبها المرحلة المقبلة، مما سيعيد رسم المشهد الإعلامي العالمي من جديد.

nalhazani@