مي محمد الشريف

من المستفيد من احتجاجات فرنسا؟

الجمعة - 07 ديسمبر 2018

Fri - 07 Dec 2018

تتحلى مدينة الأنوار في نهاية كل سنة بالزينة والإضاءة المبهرة في كل مكان، ولكن تبدو هذه السنة مختلفة، حيث غرقت زوايا باريس بمظاهرات دامية أدت إلى عدد من القتلى والجرحى، ومئات المحتجزين، ودمار يقدر بملايين اليوروهات.

انطلقت عاصفة المظاهرات بمجموعة تسمى «السترات الصفراء» احتجاجا على زيادة أسعار الوقود وأمور أخرى، اتخذت العنف عنوانا والهمجية أسلوبا فاقتلعت أرضية الشوارع، وحطمت المرافق العامة، وأحرقت عشرات السيارات وسرقت أشهر محلات الأزياء، بل وجرى استهداف قوس النصر الذي يعد أبرز معالم باريس. وبعد أيام عصيبة وتردد المسؤولين في التجاوب مع المطالبات، اضطرت الحكومة الفرنسية إلى التراجع عن قرارها زيادة الرسوم على المحروقات لاحتواء الاحتجاجات.

مصائب قوم عند قوم فوائد، تحديات غير مسبوقة في حكومة ماكرون، وحالة من الفوضى في مدينة النور، تعد مكاسب سياسية وإعلامية للتيارات اليمينية بنزعتها القومية في فرنسا، والتي تسعى في كل مناسبة إلى زيادة شعبيتها على حساب الحكومة الحالية. فقد شاركت الأحزاب المتطرفة في دعم المطالبات الشعبية، حيث سنحت لها الفرصة وضمت مصالحها مستغلة فشل السياسيين المعتدلين في احتواء الأزمة، وعدم وجود أجندة سياسية ولا زعامة واضحة لحركة الاحتجاجات، ورفعت سقف المطالبات إلى دعوات سياسية لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة. كذلك انضمت بعض التيارات اليسارية الفرنسية للشارع، منادية برحيل الرئيس ماكرون من قصر الإيليزيه، مخالفة احترام نتائج الانتخابات وما نص عليه دستور البلاد. أما من رفض الانضمام للغضب الفرنسي فمن مؤيدي ماكرون وأحزاب يسارية أخرى بحجة أنها لن تشارك في حركات استغلتها تيارات اليمين المتطرف.

وعلى الصعيد الدولي يعد التخبط الفرنسي فرصة أمريكية لمكاسب سياسية في القارة الأوروبية، حيث تتفق مصالح ترمب مع أجندات التيارات اليمينية الفرنسية أكثر من ماكرون الذي دعا أخيرا إلى إنشاء جيش أوروبي موحد مستقل يقاوم التهديدات الروسية، والصينية، وحتى الأمريكية. تلك التصريحات التي عدها ترمب إهانة للولايات المتحدة وغير واقعية. وبناء على المعطيات من الطبيعي أن نجد مصلحة ترمب مع الغليان الفرنسي الذي قد يساعد لاحقا على نجاح الأحزاب القومية في سباق الرئاسة المقبل. حينها، حتما سيجد ترمب صديقا وسط حكومات أوروبية مختلفة معه.

الاحتجاجات العمالية والنقابية ليست جديدة على الساحة الفرنسية، فقد سجلت كتب التاريخ حادثة الإضراب العمالي الأول عام 1539 في مدينة ليون عندما أضرب عمال المطابع، مطالبين برفع رواتبهم، فلم تصدر أي مطبوعة لمدة 4 أشهر، حتى تدخلت الحكومة حينها ولبت مطالبهم. ولكن هل يعلم محتجو اليوم أنهم كأحجار الشطرنج ويجري التلاعب بهم وتحريكهم لأجندات سياسية هدفها «كش» ماكرون؟

المطالبات:

• حل الحكومة والدعوة لانتخابات مبكرة

• تحسين الأحوال المعيشية للشرائح الاجتماعية الوسطى والأدنى

• تخفيف العبء الضريبي

• زيادة الحد الأدنى للأجور

• رفع المعاشات التقاعدية

• إعادة العمل بضريبة الثروة

- استجابت الحكومة الفرنسية وألغت زيادة ضرائب الوقود

- ما زال الحراك قائما، مع انضمام الطلبة والمزارعين، وأعلن قطاع النقل البري بدء إضراب عام غدا

@ReaderRiy