أحمد صالح حلبي

هل الحدائق العامة أملاك خاصة؟!

الخميس - 29 نوفمبر 2018

Thu - 29 Nov 2018

يبدو أن حال الحدائق العامة في مكة المكرمة سيبقى مؤلما دون عالج ناجع، مثله مثل ألم جلوس الأسر على الأرصفة بمواقف حجز السيارات ومزدلفة، إن هي رغبت بالتنزه نهاية الأسبوع، بعد أن توفرت الحدائق العامة على الورق داخل المخططات السكنية القديمة منها والحديثة، وغابت عن الواقع، وتحول البعض منها لمواقع استثمارية تجني أموالا لصالح أمانة العاصمة المقدسة، وتحول البعض الآخر منها إلى جزء من أملاك أمانة العاصمة المقدسة، لتنشئ فيها مباني خاصة لها، أو يذهب ما تبقى منها إلى أملاك خاصة لبعض المواطنين، إما منحة أو استيلاء تحت أنظار مراقبي الأمانة ومسؤوليها الذين التزموا الصمت ولم يحركوا ساكنا.

وحال الحدائق العامة بمكة المكرمة يستدعي أن تبدأ هيئة مكافحة الفساد فتح ملفها، لا لتطالب بزراعتها، بل لتسأل عن غيابها الذي طال، فإلى أين ذهبت؟ ولماذا نراها على الورق ولا نراها على الواقع؟

وإن سألنا عن حدائق الزاهر التي كانت يوما متنزها عاما للمواطنين، فإننا نجدها قد تحولت إلى موقع استثماري منذ سنوات حينما أنشئت عليها قصور أفراح ومدينة ملاه، ومع مرور الأيام وتعاقب السنين تحولت إلى مركز ألعاب ترفيهي لمن يملك القدرة المالية على شراء تذاكر الدخول والألعاب لأبنائه.

أما من لا يملك تلك القدرة المالية فعليه اصطحاب أبنائه للبحث عن حديقة عامة مسورة دون زراعة، وهذه يجدها في حي الملك فهد (الإسكان)، فما أكثر الحدائق المسورة دون زراعة، أو يذهب بهم إلى مواقف حجز السيارات بمداخل مكة المكرمة أو أي من أرصفة مزدلفة، ليقضوا إجازة نهاية الأسبوع بين الغبار والأتربة، لأن الحدائق العامة لم تعد حقا للمواطنين، بل غدت إما مستثمرة أو مملوكة للأمانة أو ممنوحة لمواطن أو مستولى عليها، وفي جميع الحوال فإن السؤال يبقى مطروحا؛ أين أنت يا هيئة مكافحة الفساد؟

وأين أنت يا هيئة الرقابة والتحقيق؟

أليس هذا إهدارا وضياعا لحقوق الدولة، وسلبا لحقوق المواطنين؟

وما نخشاه أن يحدث لحديقة الحسينية التي تتغنى بها الأمانة ما حدث لغيرها، كحديقة الطفل بالرصيفة التي تحولت لموقع استثماري، أو حديقة الخالدية (1) التي أصبحت منطقة محظورة على المواطنين بعد أن حولتها الأمانة إلى جزء من أملاكها الخاصة، وأنشأت عليها ناديا خاصا لمنسوبيها، وجعلت جزءا منها موقعا لإحدى إداراتها.

ولا أنكر أن هناك حدائق عامة موجودة في حي الملك فهد (الإسكان) والتي بها كميات من الحشرات والديدان والقوارض التي سكنتها نتيجة لغياب يد الأمانة عنها، فلا تنظيف وصلها ولا تهذيب اقترب منها، فكيف تصلها للزراعة؟

وما بقي من مواقع الحدائق العامة غدا ملكا خاصا لهذا أو ذاك إما منحة أو وضع يد، كحال موقع الحديقة الكائنة بحي التخصصي بجوار مسجد «سيد الشهداء»، والتي تحول جزء منها لمواقف سيارات بمظلات خاصة، وغدا الجزء الآخر مخصصا لتربية الدواجن البلدية، وما

بقي أتمنى أن يصبح مزرعة للأبقار لأن الأمانة لا تعلم شيئا عن الموقع، ولن تعمل شيئا لإزالة المخالفة، فمراقبوها بعيدون عن الجولات الميدانية.

أما نحن فعلينا أن نردد «وردك يا زارع الورد»، فلسنا بحاجة للنظر لجماله أو شم رائحته لأن حدائقنا العامة غابت.

[email protected]