حسن علي العمري

التلوث البحري

الثلاثاء - 27 نوفمبر 2018

Tue - 27 Nov 2018

كانت ولا زالت البحار في كثير من الدول وعاء يتخلص فيه من النفايات والفضلات البشرية، وبمرور الزمن أضحت هذه المواقع مصدرا للتلوث البحري، ويزداد الأمر سوءا مع اعتماد حركة التجارة العالمية على البحار كوسيلة أولى للنقل وما ينتج عنها من ملوثات إضافية لما سبق، نتيجة قيام السفن العابرة لتلك البحار بتلويثها ببقايا الزيوت الفاسدة أو المشتقات النفطية الناتجة عن محركاتها، فضلا عن تفريغ الناقلات العملاقة مياه الصابورة وتنظيف الصهاريج في البحر، وهو ما يتعاضد مع مسببات أخرى لتدمير الحياة الطبيعية، سواء كانت لعالم البحار الداخلي أو ما يمتد لخارجه عندما يصل ضررها للبشر الذين يستخدمون تلك المياه بأي صورة مباشرة أو غير مباشرة، كتناولهم للأحياء البحرية الملوثة التي تم اصطيادها في تلك المياه وقد أصبحت موبوءة بالأخطار الصحية الناتجة عن هذه التلوثات.

ولا تقتصر إشكالات الخطر في البيئة البحرية على ما سلف، بل تتجاوزها إلى حالات تعد في حكم الكوارث، وإن كانت حالات طارئة إلا أنها ذات مخاطر لا متناهية، ومنها حالات التصادم بين الناقلات البحرية والجنوح لأسباب متعددة، فينتج عنها تسرب كميات من محتويات هذه الناقلات التي قد تكون محملة بمواد كيماوية أو مشعة تختلط بمياه البحر ولها من الآثار ما يفوق التصورات، ونظرا لتزايد أعداد السفن، سواء الناقلة للمواد البترولية أو غيرها فإن حجم التلوث هو الآخر في ازدياد مطرد، مما يعني زيادة الآثار الناتجة عنه وأيضا زيادة الكلفة لإزالة أضرار هذه الآثار. ويقدر الخبراء المختصون أن بحار العالم ومحيطاته تنقل يوميا ما لا يقل عن 150 مليون طن من الزيوت مستخدمة ما لا يقل عن 10% من حمولتها كوقود، وأن نسبة احتمال التلوثات بزيت الوقود وصلت عام 2015 إلى نحو 50% عما كانت عليه في السابق لأن السفن في حد ذاتها تساهم في تنقل هذه التلوثات من سفينة إلى أخرى ومن منطقة إلى تالية أثناء سيرها.

وجميع الدول وبالذات المطلة على البحار وهي تستشعر تلك الأخطار كان لزاما عليها أن تتحرك بكل اهتمام لحماية هذه البيئة البحرية، وقد ساهمت كثير من الدول ومنها المملكة العربية السعودية بإقرار الأنظمة الحامية لذلك، فضلا عن الانضمام للمنظمات وحضور المؤتمرات ذات الجهود في هذا المجال، ولا سيما بعد جنوح ناقلة النفط الليبيرية كانيون عام 1967 التي شكلت منعطفا حقيقيا للنظرة الدولية لهذه الكوارث بما خلفته من تلوث حاد طال السواحل الأوروبية، خاصة سواحل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، ليبدأ التحرك الجاد والناجز لإقرار قوانين الحماية القانونية للبيئات البحرية.

ولكثير من الدول تجارب تشريعية تستحق الإشادة، حيث أقرت بعض القواعد القانونية للتعاطي مع ذلك، ومنها إلزام كل سفينة تبلغ حمولتها 400 طن وتتردد على موانئ الدولة أن تكون مشمولة تأمينيا بما يغطي تكلفة التنظيف الناتج عن أي تسرب من وقودها الزيتي أو غيره، وكذلك تحمل كل تكاليف أو أضرار تحصل عند ممارسة الجهات المعنية لأي أعمال أو جهود لمواجهة أي تهديد بالتلوث دون اشتراط التسرب أو التصريف الفعلي.

  • تعد السفن أهم أدوات الملاحة البحرية ذات الاستخدامات المتعددة، منها النقل أو الصيد أو ما يستخدم منها وسائل للترفية أو الأبحاث العلمية أو المنصات ذات الطبيعة العسكرية

  • مالك السفينة مسؤول تعويضيا عما تتكبده الجهات المعنية عند تدخلها لمباشرة حالات تلوث وقعت فعلا

  • تجبر الناقلات الضخمة في البحار على حمل نسب تصل إلى 50% من حمولتها لحفظ اتزانها، وعند انتهاء رحلتها تقوم بتفريقها في البحر، مما يشكل خطرا على الحياة البحرية من أوجه عدة

  • تعتمد السفن الحديثة على استهلاك أقل كمية من الوقود سيئ الجودة الناتج عن بقايا عمليات التكرير البترولية وهو ما يضيف بعدا آخر للتلوث بسبب هذا الاستخدام




[email protected]