نايف الضيط

أساليب جديدة للتضليل الإعلامي

السبت - 17 نوفمبر 2018

Sat - 17 Nov 2018

يعد المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي أستاذ اللغويات في معهد ماساتشوستس للتقنية أبرز من تحدث عن استراتيجيات الخداع التي تمارسها وسائل الإعلام، حيث حدد عشرة أساليب تمارسها بعض وسائل الإعلام لتضليل الجمهور كسياسة الإلهاء، وتشتيت الجمهور وتجهيله، وصناعة الخوف الخارجي لتركه في حالة من الترقب المستمر، وافتعال المشكلات ومن ثم إيجاد الحلول لها.

تستنفر وسائل الإعلام طاقاتها وقدراتها من أجل التأثير في المواقف والاتجاهات وفي الرأي العام واستمالة الجمهور من خلال تطبيق نظريات التأثير وحراسة المعلومات التي تظهر للأفراد، وترتيب أولويات الموضوعات وما يجب أن يفكر فيه الجمهور، وبالتالي تركز على قضايا معينة من خلال التضخيم والتغطيات المستمرة بهدف، لفت انتباه الجمهور والتطرق إلى الأحداث من زوايا مختلفة.

التجاهل نوع آخر من التضليل، حيث تعمد وسائل الإعلام المضللة إلى تجاهل أخبار مهمة، بينما تركز إلى أحداث أخرى ليست ذات أهمية بهدف توجيه الرأي العام، مثل السكوت عن المشكلات الاجتماعية والقضايا الأساسية والتطرق لموضوعات هامشية، وصنع المصطلحات الإعلامية ونشرها في التقارير والأخبار بهدف تشويه الآخر، وبما يتوافق مع توجه الوسيلة الإعلامية والقائمين عليها.

كما تمارس دس السم في العسل بنشر الأخبار والتقارير، حيث تنشر المعلومات والأخبار لتشويه الحقائق وقولبتها. وتتعمد الاعتماد على مصادر مجهولة والتظاهر بأنها حقائق ومصادر موثوقة أو مطلعة لإثبات رأي معين وتجاهل الرأي الآخر والمصادر الأخرى.

ومن أساليب الخداع نشر الإحصاءات الكاذبة لتغطية حجم الإخفاقات والخسائر، فعندما تكون وسائل الإعلام تلك غير قادرة على تحقيق أهدافها تلجأ إلى الكذب وتأطير أخبار غير صحيحة. التخويف من العدو الخارجي على أنه الخطر القادم هدف تعمل عليه وسائل الإعلام المضللة لإبقاء الجمهور في حالة من الخوف المستمر.

وقد أدى تطور تقنيات الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعية إلى بروز أشكال جديدة من التضليل والخداع الإعلامي، مثل نشر الأخبار الكاذبة في المنصات الرقمية ومواقع الانترنت، وتعد الانتخابات الأمريكية الأخيرة في 2016 مثالا بارزا لنشر الأخبار الكاذبة، فبحسب صحيفة الغارديان هناك أكثر من 100 موقع نشرت أخبارا وهمية لدعم حملة دونالد ترمب الانتخابية واستمالة الناخبين من خلال نشر الأخبار المفبركة والصور والإحصاءات والمقالات.

ومن أخطر أنواع التضليل التي تعد تهديدا خطيرا للأفراد والأمن ما يسمى بتقنية الخداع العميق «Deepfake» وهي استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي وخوارزميات تعلم الآلة والشبكات العصبية، مما دعا وكالة البحوث الدفاعية المتقدمة «DOPRA» التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إلى تطوير منصة تكشف التلاعب لمعرفة الصور والفيديو المشكوك فيها.

وهناك برامج رسم الوجه والصوت والجسم تقوم بانتحال هوية لأشخاص، وأصبح من السهل صنع فيديوهات جنسية أو تصريحات ونسب أقوال لم يقلها الأشخاص، لقد أصبح إنشاء الوسائط الرقمية أرخص من أي وقت مضى، حيث يمكن تصميم الصور والفيديوهات والتلاعب بالمؤثرات الصوتية على أنها مصدر حقيقي، بحيث تسمح هذه التقنيات للمستخدمين بتحرير الأصوات وإعادة ترتيب الكلمات التي لم تسجل فعليا.

ختاما، طورت المؤسسات الإعلامية الغربية وناشطو الانترنت أدلة للتحقق من المحتوى المنشور على شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعية، بهدف محاربة الأخبار الكاذبة والصور والفيديوهات المفبركة، مقابل ضعف عربي في هذه المبادرات الإعلامية التي تحمي المحتوى العربي وتعززه.