فواز عزيز

تقزيم الأفكار والآراء

السبت - 03 نوفمبر 2018

Sat - 03 Nov 2018

• قد يتشابه الإخوة في الأشكال والملامح؛ لكنهم قد يختلفون في الأفكار والآراء، وليس التشابه يقربهم كما أن الاختلاف لن يفرقهم.

• قد يتشابه الأصدقاء في الهوايات والرغبات، لكنهم قد يختلفون في عرض آرائهم وقناعاتهم، ومع ذلك لن يتفرقوا ولن يختصموا بسبب هذا الاختلاف حتى لو لم يقتنعوا بآراء بعضهم.

• تشابه البشر في سحناتهم وألبستهم لا يعني قطعا أنهم ملزمون بالتشابه في الأفكار والآراء والقناعات، وليس ذلك التشابه مطلبا لاستمرار الحياة والعلاقات، بل ربما يكون الاختلاف مطلبا لاستمرار حياة قابلة للتطور والتغير إلى الأفضل.

• اختلاف أفكار الناس وآرائهم لن يعطل تعايشهم، بل هو ينبوع البحث عن الحقيقة أو الصواب أو الأفضل بينها.

• قد يقدم البعض أفكارا أو آراء غريبة - وربما غرابتها في حداثتها علينا - فلا يتقبلها البعض وربما يرفضها البعض الآخر بلا أسباب مقنعة، لكن ذلك لا يعني أبدا الحق في محاربة أصحابها بتقزيم آرائهم ووأد أفكارهم، فربما يأتي زمن يقتنع البعض الرافض بتلك الأفكار والآراء ويعمل بها ويدافع عنها وكأنها أفكاره هو، فأحيانا يكون الزمن كفيلا بتغيير الأفكار ويمنحنا فرصة لتقبل آراء كنا نرفضها أو لا نتقبلها.

للجميع الحق في مناقشة الأفكار والآراء والرد عليها، لكن دون تقزيم لها واحتقار أصحابها، وللجميع الحق في عدم تقبل بعض الأفكار والآراء لكن دون محاربتها وتهميش أصحابها، فالتفكير حق مشاع للجميع وتقبل الأفكار حرية شخصية وليس إجبارا أو إكراها.

• لا أدري لماذا يمارس البعض سلطة - لا يملكها - في الحكم على أفكار الناس وآرائهم الشخصية، ويمنح نفسه حق محاكمتها وإصدار أحكاما قطعية - بنظره - عليها؟!

• ما نعيشه من تطور تقني كبير في وسائل التواصل والاتصال الحديثة، يفترض أن يمنحنا فرصة أكبر لتبادل الأفكار والآراء والاستفادة منها، لكن شيئا من الواقع الافتراضي كشف لنا أن البعض يمارس وصاية على الجميع بالرد على كل ما يراه لا يتوافق مع أفكاره وآرائه الآنية، وكأنه مكلف بتصحيح كل ما يخالف توجهاته وأفكاره في المجتمع حتى لو كانت خارج تخصصه ولا يملك فيها علما ولا دراية!

• كان الناس محصورين فيما حولهم من أفكار وآراء، فجاء الفتح الكبير في التكنولوجيا، فمنح عصر التواصل الاجتماعي والاتصال الحديث الناس فرصة الانفتاح على كل الأفكار والآراء، ورغم أنه عالم افتراضي إلا أنه قرب أفكار الناس وآراءهم من بعضها، وأصبح ميدانا للتبادل الفكري، وهذه من نعم التطور التقني الذي تعيشه البشرية، لكن ما قد يقلبه نقمة هو تعنت البعض ومحاولتهم رفض كل ما يخالفهم وإلزام أنفسهم بالرد والرفض علانية، وكأننا لا بد أن نجعل البشرية متشابهة في كل شيء.

• صاحب العقل الحي والفكر النابض يأخذ ما يفيده ويدع ما لا يفيده، ولا يلزم نفسه بإثبات صحة ما يعتقده من آراء ولا يشغل نفسه بالرد على كل ما يخالف قناعاته الفكرية وآرائه الشخصية؛ لأن ذلك سيحرمه فرصة التفكير والتعلم حتى من مخالفيه.

• لست أدعو إلى تقبل كل الآراء والأفكار، لكني فقط أدعو إلى عدم تقزيم كل فكرة لا نؤمن بها واحتقار كل رأي لا يعجبنا أو لا يتوافق مع آرائنا، خصوصا إذا كنا غير متخصصين في علمها.

(بين قوسين)

• اختلافك مع أفكار وآراء غيرك لا يسمح لك بتقزيمها واحتقارها وتهميش صاحبها أو نبذه.

fwz14@