محمد حطحوط

نظام الإعلانات السعودي الجديد

السبت - 06 أكتوبر 2018

Sat - 06 Oct 2018

نحن في كارثة! نحن في السعودية تسويقيا في وضع كارثي من الناحية القانونية. لدينا حالة مشوهة من الأنظمة القديمة، والمتفرقة بين وزارتي الإعلام والتجارة وهيئة الإعلام المرئي والمسموع ووزارة العمل والبلديات وغيرها! هذه حالة غير صحية شلت قطاع الإعلان وحالت دون تطوره مثل باقي القطاعات. هذا من الناحية التنظيمية فقط. الكارثية تستمر في أن سوق الإعلان بشهادة مجلس الشورى ممتلئ بمخالفات قانونية، حيث رصدت حالات كثيرة لمعلنين يقدمون ملايين الريالات، ويحصدون في المقابل ملايين أخرى من الأرباح دون حصولهم على ترخيص إعلاني! مثل هذا المناخ يسهل تبادل الأموال بطرق غير مشروعة، مما يفتح الباب لغسيل الأموال وسلسلة طويلة من المخالفات القانونية. ولا ننسى هنا جرائم استغلال الأطفال تسويقيا وتعريضهم للتنمر والاعتداء اللفظي!

الوضع التسويقي الحالي مليء بالمخالفات ليس القانونية فحسب، بل والأخلاقية أيضا، والكثير من الهدر المالي! هناك حاجة ماسة للم شتات الأنظمة المتفرقة واللوائح المختلفة التي تعرضت للإعلان والتسويق في بعض موادها.

كذلك يوفر نظام الإعلان الجديد قضية نعاني منها جميعا مع كل أسف: التضليل في الرسائل الإعلانية، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعية! وهذه قضية مؤلمة توجد بشكل مخيف في السعودية. الإف تي سي الأمريكية FTC كمثال تجبر أي شخص يتقاضى مبلغا ماليا في تويتر أو انستقرام أو سناب شات أو غيرها، بوضع عبارة (إعلان) بشكل واضح وصريح أنه يتقاضى مبلغا مقابل هذه التغريدة أو هذا الرأي. في السعودية تمارس عمليات تضليل مهولة للرأي العام نظرا لغياب قانون مثل هذا. تتلاعب شركات التسويق بالرأي العام تماما مثل كرة القدم في ملعب الجوهرة! هذه جريمة أخلاقية لا تغتفر! أثق فيك لرأيك وما تقدم من محتوى.. ثم تخون هذه الثقة مقابل حوالة بنكية؟!

في جلسة أمير الشباب محمد بن سلمان مع الإعلاميين ذكر على هامش اللقاء بعض الأرقام المزعجة لسوق الإعلانات الخارجية الذي تتولاه الأمانات في مدن المملكة، وكم من الهدر المالي يحصل فيه، وهذه إشارة جميلة لإدراك رجل بهذا الحجم أهمية هذا القطاع ودوره التنموي.

كيف نوقد شمعة في ليل تويتر الطويل؟ بعد دراسة مكثفة من لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى، وقد شرفت بتواصل اللجنة وقدمت لها خلاصة التجربة الأمريكية في ضبط سوق الإعلانات، خلصت اللجنة إلى ضرورة إنشاء هيئة وطنية لمعايير الإعلان والتسويق - لا حاجة لإخراج الإعلان لوحده، لأن الإعلان والإعلام جزء من التسويق كما يقول الدكتور فيليب كوتلر - تقوم بدور المنظم لهذا القطاع المنفلت قانونيا وأخلاقيا. شكرا مجلس الشورى على خطوة تأخرت كثيرا.

mhathut@