«موهبة».. لم تعد موهوبة!
الأحد - 30 سبتمبر 2018
Sun - 30 Sep 2018
«.. إن الموهبة دون اهتمام من أهلها أشبه ما تكون بالنبتة الصغيرة دون رعاية أو سقاية، ولا يقبل الدين، ولا يرضى العقل أن نهملها أو نتجاهلها. لذلك فمهمتنا جميعا أن نرعى غرسنا، ونوليه اهتمامنا، ليشتد عوده صلبا، وتورق أغصانه ظلا يستظل به بعد الله لمستقبل سنطالبهم فيه بدورهم الذي نحن في أشد الحاجة إليه في عصر الإبداع، وصهر الموهبة وتجسيدها على الواقع خدمة للدين ثم الوطن ..». قبس من كلمة ألقاها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، في عام 1998، افتتح بها لقاء جمع نخبة من رجالات الوطن؛ ليشهدوا مولد مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجالاته للموهوبين التي صدر لاحقا أمر ملكي بإقرار نظامها الأساسي بمجلس أمنائها، والمجلس التنفيذي، واللجان الرئيسية فيها، وتحديد أهدافها على أنها مؤسسة خيرية، يغلب العمل التطوعي فيها، من أجل تخصيص مواردها المالية للعناية بالموهوبين.
ولا زلت أتذكر لقاء جمعني بوزير التربية والتعليم الدكتور محمد الرشيد، يرحمه الله، تحدث فيه عن مؤسسة «موهبة»، وحماس الملك عبدالله، والأمير سلطان، يرحمهما الله، ودعمهما لهذا المشروع النوعي، وتفاؤله بمستقبل طموح وواعد، يستثمر بكثافة في اكتشاف المواهب السعودية ورعايتها وتنميتها.
لا شك أن «موهبة» رسمت مسيرة جيدة طيلة 20 عاما، وحققت بعض أهدافها، وسجلت عددا من الإنجازات الهامة، منها اكتشاف ما يزيد على 97 ألف طالب وطالبة من الموهوبين، وعقد شراكة مع أكثر من 100 مدرسة لإنشاء فصول للموهوبين في مجال العلوم والرياضيات والتقنية بمناهج خاصة، استفاد منها أكثر من 13 ألف طالب وطالبة، والتحاق أكثر من 100 موهوب وموهوبة في أفضل الجامعات على مستوى العالم ضمن برنامج التأهيل الأكاديمي، وتأهيل وتدريب أكثر من 30 ألف معلم ومعلمة، أسهموا في إنتاج أكثر من 55 ألف بحث علمي. وحصول المملكة على 232 ميدالية في الأولمبيادات الدولية محافظة على مركزها الأول على المستوى العربي، و43 جائزة كبرى و23 جائزة خاصة في مسابقة أنتل أيسف العالمية منذ عام 2007، و74 ميدالية وجائزة في معرض آيتكس الدولي للاختراعات والابتكارات.
في السنوات الأخيرة؛ يبدو أن قطار «موهبة» انحرف عن المسار قليلا، وربما كان السبب ماليا صرفا، فبعد أن كانت المؤسسة تنظم البرامج الإثرائية للموهوبين والموهوبات مجانا، بالتعاون مع عدد من المدارس والداعمين، تدرجت في نقل تكاليف تلك البرامج الإثرائية، التي لا يختلف محتواها كثيرا من سنة إلى أخرى، وتحميلها أولياء أمور الطلاب والطالبات، فبدأت برسوم الوجبات الغذائية، ثم رسوم النقل، وصولا إلى رسوم وتكاليف الانضمام إلى البرامج الإثرائية، فأصبح أولياء أمور المواهب هم من يتحملون جزءا ليس باليسير من تكاليف تنظيم البرامج الإثرائية، رغم وجود جهات داعمة وراعية لهذه البرامج من القطاعين الحكومي والخاص.
يضاف إلى ذلك تقليص أعداد المستفيدين من الشراكات والمنح من عام إلى آخر، والتركيز على المسابقات والأولمبيادات المحلية والإقليمية والعالمية، وبطء عملية التطوير في الموقع الالكتروني لـ «موهبة»، وندرة الابتكار في صيغ الشراكات مع الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، بل أدى الأمر إلى خسارة بعض الشراكات!
ولدي بعض التساؤلات حول «موهبة»؛ آمل أن تجد تفاعلا وإجابة في الفترة المقبلة.
إذا كان دور «موهبة» لا يقف عند اكتشاف المواهب فقط، فماذا عملت لأكثر من 97 ألف موهوب وموهوبة؟ وكيف استثمرت مواهبهم؟ من الذين قدمتهم «موهبة» كعلماء وباحثين موهوبين ويحظون بتقدير عالمي؟ وما أبرز النتائج أو الأمثلة التي أضافت قيمة للمجتمع والوطن؟
وآمل ألا تتخلى مؤسسة «موهبة» عن غايتها الرئيسة في استكشاف الموهوبين ورعايتهم وإعدادهم؛ إلى الاكتفاء فقط بحصر المتفوقين في التحصيل العلمي وتدريبهم وتأهيلهم للمشاركة في المسابقات الدولية. وكلي أمل أن تستثمر «موهبة» في تطوير مواردها المالية، وتسويق خدماتها وبرامجها باعتبارها أحد أبرز مجالات المسؤولية الاجتماعية التي يمكن للجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال الاستثمار فيها، وغيرها من مبادرات التطوير التي ستسهم في مساعدة «موهبة» لتكون المؤسسة الرائدة في رعاية الموهوبين وإعدادهم ليكملوا المسيرة في بناء الوطن وتحقيق رؤيته الطموحة التي يمثل الموهوبون والمبدعون وقودها وقادتها.
@shakerabutaleb
ولا زلت أتذكر لقاء جمعني بوزير التربية والتعليم الدكتور محمد الرشيد، يرحمه الله، تحدث فيه عن مؤسسة «موهبة»، وحماس الملك عبدالله، والأمير سلطان، يرحمهما الله، ودعمهما لهذا المشروع النوعي، وتفاؤله بمستقبل طموح وواعد، يستثمر بكثافة في اكتشاف المواهب السعودية ورعايتها وتنميتها.
لا شك أن «موهبة» رسمت مسيرة جيدة طيلة 20 عاما، وحققت بعض أهدافها، وسجلت عددا من الإنجازات الهامة، منها اكتشاف ما يزيد على 97 ألف طالب وطالبة من الموهوبين، وعقد شراكة مع أكثر من 100 مدرسة لإنشاء فصول للموهوبين في مجال العلوم والرياضيات والتقنية بمناهج خاصة، استفاد منها أكثر من 13 ألف طالب وطالبة، والتحاق أكثر من 100 موهوب وموهوبة في أفضل الجامعات على مستوى العالم ضمن برنامج التأهيل الأكاديمي، وتأهيل وتدريب أكثر من 30 ألف معلم ومعلمة، أسهموا في إنتاج أكثر من 55 ألف بحث علمي. وحصول المملكة على 232 ميدالية في الأولمبيادات الدولية محافظة على مركزها الأول على المستوى العربي، و43 جائزة كبرى و23 جائزة خاصة في مسابقة أنتل أيسف العالمية منذ عام 2007، و74 ميدالية وجائزة في معرض آيتكس الدولي للاختراعات والابتكارات.
في السنوات الأخيرة؛ يبدو أن قطار «موهبة» انحرف عن المسار قليلا، وربما كان السبب ماليا صرفا، فبعد أن كانت المؤسسة تنظم البرامج الإثرائية للموهوبين والموهوبات مجانا، بالتعاون مع عدد من المدارس والداعمين، تدرجت في نقل تكاليف تلك البرامج الإثرائية، التي لا يختلف محتواها كثيرا من سنة إلى أخرى، وتحميلها أولياء أمور الطلاب والطالبات، فبدأت برسوم الوجبات الغذائية، ثم رسوم النقل، وصولا إلى رسوم وتكاليف الانضمام إلى البرامج الإثرائية، فأصبح أولياء أمور المواهب هم من يتحملون جزءا ليس باليسير من تكاليف تنظيم البرامج الإثرائية، رغم وجود جهات داعمة وراعية لهذه البرامج من القطاعين الحكومي والخاص.
يضاف إلى ذلك تقليص أعداد المستفيدين من الشراكات والمنح من عام إلى آخر، والتركيز على المسابقات والأولمبيادات المحلية والإقليمية والعالمية، وبطء عملية التطوير في الموقع الالكتروني لـ «موهبة»، وندرة الابتكار في صيغ الشراكات مع الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، بل أدى الأمر إلى خسارة بعض الشراكات!
ولدي بعض التساؤلات حول «موهبة»؛ آمل أن تجد تفاعلا وإجابة في الفترة المقبلة.
إذا كان دور «موهبة» لا يقف عند اكتشاف المواهب فقط، فماذا عملت لأكثر من 97 ألف موهوب وموهوبة؟ وكيف استثمرت مواهبهم؟ من الذين قدمتهم «موهبة» كعلماء وباحثين موهوبين ويحظون بتقدير عالمي؟ وما أبرز النتائج أو الأمثلة التي أضافت قيمة للمجتمع والوطن؟
وآمل ألا تتخلى مؤسسة «موهبة» عن غايتها الرئيسة في استكشاف الموهوبين ورعايتهم وإعدادهم؛ إلى الاكتفاء فقط بحصر المتفوقين في التحصيل العلمي وتدريبهم وتأهيلهم للمشاركة في المسابقات الدولية. وكلي أمل أن تستثمر «موهبة» في تطوير مواردها المالية، وتسويق خدماتها وبرامجها باعتبارها أحد أبرز مجالات المسؤولية الاجتماعية التي يمكن للجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال الاستثمار فيها، وغيرها من مبادرات التطوير التي ستسهم في مساعدة «موهبة» لتكون المؤسسة الرائدة في رعاية الموهوبين وإعدادهم ليكملوا المسيرة في بناء الوطن وتحقيق رؤيته الطموحة التي يمثل الموهوبون والمبدعون وقودها وقادتها.
@shakerabutaleb