الرجولة والثقافة الكاذبة وخيبة المرأة!
العقل مرآة ما يقرؤه الإنسان ويستقر في فكره اللاواعي، وما يراه من مؤثرات بصرية مستمرة ينتقي أن يراها وما يسمعه من صوتيات
العقل مرآة ما يقرؤه الإنسان ويستقر في فكره اللاواعي، وما يراه من مؤثرات بصرية مستمرة ينتقي أن يراها وما يسمعه من صوتيات
الجمعة - 13 نوفمبر 2015
Fri - 13 Nov 2015
العقل مرآة ما يقرؤه الإنسان ويستقر في فكره اللاواعي، وما يراه من مؤثرات بصرية مستمرة ينتقي أن يراها وما يسمعه من صوتيات.
فالسطحيون والفارغون والثرثارون خواء يعتمدون المظهر للفت جذب سمج، الواعون عكس ذلك، لأنهم مرجعية جميع الآخرين ونورهم.
وإذا كان العقل في حقيقته زينة الوجه وحسنه..فالجمال والوسامة مكياج وجه لا يقاوم سطحية العقل.
ومن ثم فالثقافة هي انعكاس لبضاعة العقل، إلا أن هذه الفكرة أظن أنها تنحو بمنحنى رديء نوعا ما مخيب للآمال في المشهد الثقافي العربي والسعودي، فيشوب علاقة الثقافة الراقية أحيانا انحدار في قيم الرجولة لدى عينة من المثقفين حتى يصل الفرد منهم في السماجة الأخلاقية لدرجة انفساخ يتضجر منها المجتمع الذي لا يملك ترف الثقافة فيتهم أولئك بالليبرالية لتعني الصياعة! حتى بدت وصفة «مثقف» كأنها وصمة لجمع المتناقضات: ثقافة عالية وأخلاق منخفضة! لن أبحث في تفاصيل هذا التناقض الذي يلتمس في المشهد الثقافي بشكل حقيقي لأنه لا بد من الوقوف عليه وعلاجه والتخلص من سقمه، ولن أختزله فيه، فالمشهد الديني أيضا يعاني من وجود رجالات دين بممارسات تعبدية مظهرية عالية وأخلاق منخفضة، تماما كما هو المشهد في الوسط الأكاديمي بوجود قمم علمية بأخلاق منخفضة! وهكذا دواليك أن المناصب أو المهن أصبحت وسائل لتحقيق وصول للمرأة رغما عنها!نوعية هذا الرجل التنويري/ المثقف المتناقض في خضم هذه المشاهد تعني أنه يرتدي لبوس نور يتوافد من فتيل أصولية وتخلف فكري مشوه يعشعش في أعماقه بعدما تزاوج زواجا كاثوليكيا مع روحه.
ولعل الكاتبة د.
لطيفه الشعلان اختصرت التوصيف في أحد مقالاتها الذهبية بالقول «نال الرجل التنويري هجاء شديدا من المثقفات العربيات أسوة بما ناله الرجل الأصولي إن لم يكن أكثر.
رأينا ذلك لدى هيفاء بيطار وسحر خليفة وأروى صالح وكوليت خوري وغيرهن.
ثم لحقت السعوديات بقطار الهجاء، ولا بد لهن من اللحاق، وكانت ممثلتهن القاصة المميزة ليلى الأحيدب في روايتها «عيون الثعالب».
وتركز هجاء المثقفات على التناقض بين قيم التحرر والحداثة التي يبشر بها الرجل التقدمي بخصوص المرأة، وبين نظرته البدائية وسلوكه الفظ في تحجيمها واستغلالها».
هذه الحالة لا بد لها من وقفة، لأن التاريخ يحوي بين طياته قمما ثقافية رجولية عليا ومثلى ومثالية جدا إذا ما قسنا على النوعية الرديئة والتي تسعى لتشويه صورة الرجولة المثقفة والتشكيك بسمعتها، فالرجولة أساس وبنية تحتية تقوم عليها أساسات الثقافة لتعطي المثقف، ذلك الفارس الشهم المترف بالمروءة والقيم والذي يحارب الظلام بسيف النور ويفك قيد وأغلال الجمود من أجل النضال، لينال المجتمع حصته في التغيير ويقف مع المرأة وحقوقها ويقف لها ويجلها احترما وتقديرا، والذي تردد الأجيال نصوصه وتنقش جمله على الدفاتر ويقتبس كلامه لما يثيره من الأنفس من همم ورغبات في اعتناق الاقتداء.
ماذا لو كسر قيد الصمت عن أولئك؟ لو قامت ثورة من كبار المثقفين الرجوليين لتخليص الثقافة من وصمة المثقف العالي ثقافة المنخفض أخلاقيا بدءا من رؤساء التحرير وانتهاء بالأندية الثقافية! لو استغنت المنابر الثقافية عن ممثلين للثقافة منفسخين من أخلاقها، لو تركت الساحة الثقافية للنخب الثقافية المؤثرة قولا وعملا وسموا ورقيا فقط.
الرجولة من وجهة نظر الجزائرية أحلام مستغانمي هي «ثقافة النظرة وسط جهل العيون، وهى حضارة الكلمة وسط الصمت، وهي الذراع التي تمتد لتحمي، والعقل الذي يفكر ليصون، والقلب الذي ينبض ليغفر».