حسن علي القحطاني

إدلب.. وثلاثة أنظمة شيطانية

السبت - 15 سبتمبر 2018

Sat - 15 Sep 2018

الانتظار ولا شيء سواه أمام ثلاثة ملايين سوري في إدلب، المسلمون السنة يشكلون نحو 90% منهم، و10% من الأقليات الدرزية والمسيحية، فيهم مليون وستمئة ألف نازح، وإدلب السورية مهددة بمصير نظيراتها درعا وحمص وحماه وحلب، دمار لن يميز بين الجماد ولا العباد، وتهجير لا يرحم الكبار ولا الصغار، وقتل لا يفرق بين سوري حر ثائر، وإرهابي فاجر.

إدلب لها تاريخ طويل في الخصومة مع نظام الأسد، البداية تعود إلى حادثة مشهورة عام 1970 عندما رمى المتظاهرون حافظ الأسد بالطماطم (البنادورة)، فنالت بعدها تهميشا لم يشهده بلد، حتى إن بعض السوريين يجهلون تحديد موقع إدلب المدينة، هل هي بين حماه وحلب أم بين اللاذقية وحماه؟ بعدها بعشر سنوات ظهرت فيها مجموعة حملت السلاح بوجه النظام تحت مسمى الطليعة، أبيدت وأبيد من حولها بقوة البارود وغاز الكلور، إلى أن انضمت إدلب إلى ثورة الشعب السوري في 25 مارس 2011، فخرجت مظاهرات في بلدات عدة تطالب بالإصلاح السياسي، وسرعان ما امتدت المظاهرات الغاضبة لتشمل المحافظة بأسرها، فشهدت تشكيل الجيش السوري الحر وانشقاق أول ضابط عن جيش بشار، وكانت السبب المباشر لإشعال الثورة في حلب المجاورة.

فشل اجتماع طهران حول إدلب، والذي جمع الرؤساء الثلاثة بوتين وروحاني حليفي بشار، وإردوغان الذي تراوده عن نفسه أطماعه في الشمال السوري، ويكدر صفوه عدم وفائه بوعوده للمعارضة السورية غير المتطرفة، وخشيته من فتح ملف رعايته للجماعات المسلحة الإرهابية.

اتفقت الدولتان المحتلتان روسيا وإيران على ضرورة محاربة الإرهاب وحق بشار في استعادة السيطرة على كامل سوريا، وضرورة «تحرير» سوريا وإن تطلب الأمر تحرير سوريا من السوريين، أملا في إيقاف فاتورة حرب المنتصر فيها خاسر، بينما حذرت أنقرة من حمام دم على حد وصفها.

الموقف الصارم للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا من استخدام السلاح الكيماوي وخوف المجتمع الدولي وتحذيرات مجلس الأمن وبيانات جمعية الأمم المتحدة كلها تدعم تأجيل العمل العسكري البري أو على الأقل تغيير خطط تنفيذه، خاصة بعد أن فضحت أجهزة استخبارات بعض الدول سيناريو استخدام غار الكلور، كما أن أوروبا تخاف من أن يقتحم حدودها مليون لاجئ على الأقل، وألمحت إلى أن طريقهم قد يكون سهلا للوصول إلى قارة أوروبا كمن سبقهم.

أخيرا، الوضع ما زال متوترا والخيارات مفتوحة، لكن هناك بصيص أمل في أن تتجنب إدلب أبشع كارثة إنسانية إذا استمرت الضغوط الدولية الجادة على الأنظمة الشيطانية في روسيا وطهران ودمشق لإلغاء العمل العسكري البري أو حصره على الإرهابيين من مقاتلي هيئة تحرير الشام وجبهة النصرة ومن يحمل فكرهم المتطرف وإن تطلب الأمر وقتا أطول لعملية الفصل بين الجماعات المسلحة المعتدلة، وبين الفصائل المدرجة في قائمة الإرهاب، خاصة مع الانقسامات في صفوف هذه الجماعات الإرهابية، أما إن فشلت هذه الجهود فسنشهد نهاية شعب بمذبحة بشعة تحت شعار الحرب على الإرهاب.

hq22222@