التفكير خارج الصندوق.. نتفليكس أنموذجا
الاثنين - 03 سبتمبر 2018
Mon - 03 Sep 2018
«شاهد أينما كنت.. ألغ وقتما تشاء.. اشترك لمدة شهر مجانا»، هذا ما يمكنك عزيزي القارئ مشاهدته في الصفحة الرئيسية لموقع شركة نتفليكس الأمريكية المتخصصة في تقديم وإنتاج المحتوى المرئي الترفيهي عبر الانترنت، والتي باتت من أهم الوجهات للمشاهد العربي في السنوات الأخيرة، حيث برزت وسطع نجمها لتدخل بأسلوب مبتكر للسوق العربية.
شركة نتفليكس تدرك أهمية الاستثمار في السوق العربية، وحجم الإيرادات التي يمكن أن تجنيها بفضل إقبال الجمهور العريض، فتوجهت إليه بمحتوى خاص يلبي اهتماماته، مستفيدة من الاستياء العام من القنوات العربية المتخمة بالإعلانات.
تعمل حاليا نتفليكس على إطلاق أول إنتاج عربي خاص لجمهورها في المنطقة خلال الربع الأخير من العام الحالي وهو عبارة عن مسلسل “جن»، حيث يعتمد على أسلوب التشويق والخيال بقالب درامي، والذي تدور أحداثه حول مراهقين يكتشفون جنيا في مدينة البتراء الأردنية القديمة عبر ست حلقات وبشخصيات ودراما مختلفة. هذا المسلسل يعد ثاني إنتاج لنتفليكس بعد فيلمها «مادباوند» الذي يقوم على فكرة صراع العنصرية بولاية مسيسيبي.
لكن السؤال الأهم: ما الذي دعا هذه الشركة العملاقة إلى القدوم للمنطقة العربية؟
الإجابة باختصار لأن هناك أكثر من 400 مليون عربي يقضون في المتوسط 19 ساعة أسبوعيا لمشاهدة المسلسلات العربية حسبما ذكرته مجلة «هوليوود ريبورتر». في مصر على سبيل المثال وبحسب المعلومات المنشورة يصل عدد مشتركي الهاتف المحمول إلى نحو 108.8 ملايين حتى بداية أبريل الماضي، في حين وصل عدد مستخدمي الانترنت نحو 37.2 مليونا. ولا يختلف هذا الإقبال المتنامي على التقنية والهواتف الذكية في المملكة عن مصر، حيث يزداد بشكل متسارع، وبالتالي فهي تعد سوقا واعدة ومشجعة للشركة للاستثمار بقوة في هذا المجال.
لقد نحت نتفليكس اتجاها ذكيا ومغايرا لما قامت به شركات مثل «ستارز. وآي فليكس» العاملتين في المجال نفسه، واللتين اكتفتا ببث المحتوى الأجنبي، حيث اتخذت قرارها بإنتاج أعمال خاصة باللغة العربية، بهدف جذب المشاهدين والاقتراب من أذواقهم ورغباتهم وثقافتهم أكثر، إضافة إلى شرائها حقوق عدد من المسلسلات العربية وعرضها بلغات عدة مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، مما يعد نقلة نوعية جديدة للدراما العربية وانفتاحها على أسواق جديدة.
إن دخول مثل تلك الشركة المتخصصة في صناعة المحتوى الترفيهي يعد نقطة تحول مهمة في مجال الأعمال التلفزيونية والسينمائية في منطقتنا العربية، ولا سيما إذا قدمت بالجودة المعهودة عن نتفليكس.
لقد جاءت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى لوس أنجلوس في مارس الماضي بهدف نقل خبرات هوليوود في مجال الإبداع السينمائي والتلفزيوني إلى السعودية إدراكا منه لأهمية الاستثمار في هذا المجال الواعد، حيث جرى عقد إحدى الصفقات بنحو 400 مليون دولار.
من المهم أن تتجه السعودية إلى «استثمار المستقبل» وهو الاستثمار بشكل كبير في إطلاق عدد من التطبيقات عبر الهواتف الذكية، والتي تسمح بالاستفادة منها في العديد من الخدمات للمستخدمين، ومنها مشاهدة الأفلام والمسلسلات، ولا سيما أن الشعب السعودي خصوصا والعربي عموما شعب فتي تشكل فئة الشباب فيه النسبة الأكبر، وهي فئة نشطة ومولعة بالتكنولوجيا وتقنياتها.
أمام الجهات المعنية بصناعة المحتوى في المملكة بدءا من وزارة الإعلام ووزارة الثقافة المعنية بصناعة المحتوى الذي يعبر عن ثقافة السعودية، إضافة لهيئتي الإذاعة والتلفزيون وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، تحديات كبرى لا بد أن يدرك القائمون عليها طبيعتها وحجمها، وأولها ضرورة الاقتراب بشكل أكبر من ذوق ورغبات الجمهور السعودي، من خلال رصد دقيق لمشاهداته بمختلف الفئات العمرية. والثاني المنافسة القوية والشرسة في المرحلة المقبلة التي ستواجهها من شركات الإنتاج الاحترافية الكبرى ومحطات الإنتاج التلفزيوني، إذا أرادت أن تخلق لها مكانة خاصة لدى الجمهور السعودي والخليجي وسط هذا الإنتاج والزخم الفني الكبيرين.
وحسبما تناقلته وسائل إعلامية عدة فقد اعترفت نتفليكس بأن من أهم التحديات التي تواجهها في السوق العربية القنوات المجانية، وهذا على عكس المتوقع، حيث لم تعط الشركة الرائدة أهمية كبيرة للمنافسة من قبل منصات معروفة ولها حضورها في المشهد الإعلامي اليوم كموقع يوتيوب العالمي، وموقع شاهد بلس المملوك لمجموعة قنوات «إم. بي. سي»، وغيرهما من المنصات العاملة في الساحة، والتي يفترض أنها منافسة لها في المجال نفسه.
لذلك فإن هذه نقطة قوة مهمة يمكن أن تستثمر لصالح إنتاجنا السعودي إذا أحسن استخدامها، ويجب أن يفكر القائمون على صناعة المحتوى في المملكة بشكل عملي وبأسلوب مبتكر وعقلية السوق، أي التفكير المبدع خارج الصندوق، إذا أردنا أن نحجز لنا موقعا رياديا مهما في هذا المجال بالمستقبل من خلال السعي إلى اتخاذ سياسة غير تقليدية لمواجهة المنافسة.
nalhazani@
شركة نتفليكس تدرك أهمية الاستثمار في السوق العربية، وحجم الإيرادات التي يمكن أن تجنيها بفضل إقبال الجمهور العريض، فتوجهت إليه بمحتوى خاص يلبي اهتماماته، مستفيدة من الاستياء العام من القنوات العربية المتخمة بالإعلانات.
تعمل حاليا نتفليكس على إطلاق أول إنتاج عربي خاص لجمهورها في المنطقة خلال الربع الأخير من العام الحالي وهو عبارة عن مسلسل “جن»، حيث يعتمد على أسلوب التشويق والخيال بقالب درامي، والذي تدور أحداثه حول مراهقين يكتشفون جنيا في مدينة البتراء الأردنية القديمة عبر ست حلقات وبشخصيات ودراما مختلفة. هذا المسلسل يعد ثاني إنتاج لنتفليكس بعد فيلمها «مادباوند» الذي يقوم على فكرة صراع العنصرية بولاية مسيسيبي.
لكن السؤال الأهم: ما الذي دعا هذه الشركة العملاقة إلى القدوم للمنطقة العربية؟
الإجابة باختصار لأن هناك أكثر من 400 مليون عربي يقضون في المتوسط 19 ساعة أسبوعيا لمشاهدة المسلسلات العربية حسبما ذكرته مجلة «هوليوود ريبورتر». في مصر على سبيل المثال وبحسب المعلومات المنشورة يصل عدد مشتركي الهاتف المحمول إلى نحو 108.8 ملايين حتى بداية أبريل الماضي، في حين وصل عدد مستخدمي الانترنت نحو 37.2 مليونا. ولا يختلف هذا الإقبال المتنامي على التقنية والهواتف الذكية في المملكة عن مصر، حيث يزداد بشكل متسارع، وبالتالي فهي تعد سوقا واعدة ومشجعة للشركة للاستثمار بقوة في هذا المجال.
لقد نحت نتفليكس اتجاها ذكيا ومغايرا لما قامت به شركات مثل «ستارز. وآي فليكس» العاملتين في المجال نفسه، واللتين اكتفتا ببث المحتوى الأجنبي، حيث اتخذت قرارها بإنتاج أعمال خاصة باللغة العربية، بهدف جذب المشاهدين والاقتراب من أذواقهم ورغباتهم وثقافتهم أكثر، إضافة إلى شرائها حقوق عدد من المسلسلات العربية وعرضها بلغات عدة مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، مما يعد نقلة نوعية جديدة للدراما العربية وانفتاحها على أسواق جديدة.
إن دخول مثل تلك الشركة المتخصصة في صناعة المحتوى الترفيهي يعد نقطة تحول مهمة في مجال الأعمال التلفزيونية والسينمائية في منطقتنا العربية، ولا سيما إذا قدمت بالجودة المعهودة عن نتفليكس.
لقد جاءت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى لوس أنجلوس في مارس الماضي بهدف نقل خبرات هوليوود في مجال الإبداع السينمائي والتلفزيوني إلى السعودية إدراكا منه لأهمية الاستثمار في هذا المجال الواعد، حيث جرى عقد إحدى الصفقات بنحو 400 مليون دولار.
من المهم أن تتجه السعودية إلى «استثمار المستقبل» وهو الاستثمار بشكل كبير في إطلاق عدد من التطبيقات عبر الهواتف الذكية، والتي تسمح بالاستفادة منها في العديد من الخدمات للمستخدمين، ومنها مشاهدة الأفلام والمسلسلات، ولا سيما أن الشعب السعودي خصوصا والعربي عموما شعب فتي تشكل فئة الشباب فيه النسبة الأكبر، وهي فئة نشطة ومولعة بالتكنولوجيا وتقنياتها.
أمام الجهات المعنية بصناعة المحتوى في المملكة بدءا من وزارة الإعلام ووزارة الثقافة المعنية بصناعة المحتوى الذي يعبر عن ثقافة السعودية، إضافة لهيئتي الإذاعة والتلفزيون وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، تحديات كبرى لا بد أن يدرك القائمون عليها طبيعتها وحجمها، وأولها ضرورة الاقتراب بشكل أكبر من ذوق ورغبات الجمهور السعودي، من خلال رصد دقيق لمشاهداته بمختلف الفئات العمرية. والثاني المنافسة القوية والشرسة في المرحلة المقبلة التي ستواجهها من شركات الإنتاج الاحترافية الكبرى ومحطات الإنتاج التلفزيوني، إذا أرادت أن تخلق لها مكانة خاصة لدى الجمهور السعودي والخليجي وسط هذا الإنتاج والزخم الفني الكبيرين.
وحسبما تناقلته وسائل إعلامية عدة فقد اعترفت نتفليكس بأن من أهم التحديات التي تواجهها في السوق العربية القنوات المجانية، وهذا على عكس المتوقع، حيث لم تعط الشركة الرائدة أهمية كبيرة للمنافسة من قبل منصات معروفة ولها حضورها في المشهد الإعلامي اليوم كموقع يوتيوب العالمي، وموقع شاهد بلس المملوك لمجموعة قنوات «إم. بي. سي»، وغيرهما من المنصات العاملة في الساحة، والتي يفترض أنها منافسة لها في المجال نفسه.
لذلك فإن هذه نقطة قوة مهمة يمكن أن تستثمر لصالح إنتاجنا السعودي إذا أحسن استخدامها، ويجب أن يفكر القائمون على صناعة المحتوى في المملكة بشكل عملي وبأسلوب مبتكر وعقلية السوق، أي التفكير المبدع خارج الصندوق، إذا أردنا أن نحجز لنا موقعا رياديا مهما في هذا المجال بالمستقبل من خلال السعي إلى اتخاذ سياسة غير تقليدية لمواجهة المنافسة.
nalhazani@