حمزة مصباح بوزنيف

الندوات الثقافية.. الواقع والمأمول

الأربعاء - 15 أغسطس 2018

Wed - 15 Aug 2018

تعتبر الندوات الثقافية من أهم الوسائل التي تساعد في توعية الشعوب وتأطيرها، ودائما ما يقاس الوعي الشعبي بمقدار ما يحمله من ثقافة، وعندما نتحدث عن الثقافة فإننا نتحدث على بحر واسع من المعلومات في شتى المجالات، ولكي يصبح الإنسان مثقفا بالمعنى الحقيقي للثقافة عليه أن يكون مطلعا ملما بكثير من الأمور، بعيدا عن الصورة النمطية للمثقف التي تختزله في هيئة الرجل صاحب القهوة الساخنة الذي يجيد التحدث وتصفيف الكلام وحشر العبارات غير المفهومة للعامة في حديثه، لأن الثقافة بمفهومها الحقيقي قد تجدها حتى في الإنسان البسيط أو العامي، بل تجدها حتى عند كبار السن الذين عركتهم الحياة وأصبحت أقوالهم حكما يستنار بها.

وليكون المجتمع واعيا ومثقفا لا بد أن يكون الحراك الثقافي المحيط به ملامسا لواقعه وتطلعاته، وهنا يأتي دور الندوات الثقافية، ففي المملكة يتبنى عدد من المؤسسات سواء الحكومية أو الأهلية إقامة عدد من الندوات الثقافية بموضوعاتها المختلفة، والتي تسهم بشكل مباشر في بناء الوعي اللازم للمواطن السعودي، ولكن ما يؤخذ على هذه الندوات أنها غير مستمرة أو متباعدة، فقد تعقد إحدى الجهات ندوة ثقافية وتتبعها بثانية وثالثة، ومن ثم تنقطع، وهذه ظاهرة غير صحية في مجتمع يعيش نقلة نوعية في الفكر والثقافة.

بالمقابل تجد بعض الجهات سواء المؤسسات أو الأفراد المهتمين بعقد الندوات الثقافية تحرص كل الحرص على استمرارية ندواتها وجذب أكبر قدر من المستفيدين، وهذه الجهات وإن كانت قليلة، مع الأسف الشديد، إلا أنها تقف وقفه مشرفة في سبيل توعية المجتمع وغرس قيم الثقافة فيه، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الندوات التي يقيمها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية فيما يخص المؤسسات، والتي يرعاها ويدعمها الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس الإدارة، ويشرف عليها الأمين العام للمركز الدكتور سعود السرحان، ومن قبله الدكتور يحيى بن جنيد والدكتور زيد الحسين، وتستضيف دائما نخبة من رجال الفكر والأدب والسياسة، ويحسب لمركز الملك فيصل حرصه على استمرار هذه الندوات ودعمه الكامل لها.

من الندوات الهامة أيضا التي يقيمها الأفراد ندوة سعود المريبض التي تعد من أقدم الندوات الثقافية التي لم تنقطع منذ نحو 20 عاما، ويرعاها ويدعمها رجل الأعمال الشيخ سعود المريبض، وتتميز هذه الندوة بثراء موضوعاتها واستقطابها لنخبة النخبة من الأدباء والمفكرين، كما تتميز بالدراسات الأكاديمية عن المواضيع التي تطرح في الندوة، وقد قدمت العديد من الدراسات لعل أهمها الدراسات التي يقدمها باستمرار الأديب والشاعر دخيل الله المريبض شقيق مؤسس الندوة في عدد من المواضيع الهامة التي تم طرحها.

المحصلة النهائية أن الحراك الثقافي ما زال يحتاج إلى دعم وإلى عمل مؤسسي كبير، ولعل الأمر الملكي الأخير بإنشاء وزارة مستقلة للثقافة جاء في وقته المناسب، فالوزارة الجديدة ستواجه عددا من التحديات والصعوبات التي أثق في أنها ستتجاوزها بالنظر إلى الدعم غير المحدود الذي يقدمه خادم الحرمين الشريفين وولي العهد في سبيل جعل الثقافة منهجا في حياة المجتمع، ثم إن الوزير الجديد الأمير بدر الفرحان له باع طويل في القيادة، حيث سبق له أن قاد إحدى أكبر المجموعات الإعلامية في الشرق الأوسط بحرفية واقتدار.

ختاما، أعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد حراكا ثقافيا مميزا بما يساهم في تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها رؤية 2030 والتي كان للثقافة نصيب وافر منها.

@HamzaBouznif