عبدالرحمن العليان

كندا.. بيت من زجاج يتحطم أمام الحزم السعودي

الثلاثاء - 07 أغسطس 2018

Tue - 07 Aug 2018

يعرف الكثيرون عن كندا أنها من الدول الكبرى صناعيا واقتصاديا وعلميا، ولديها تصنيف ائتماني عال، ولديها من الموارد الطبيعية والبشرية ما جعلها تحقق المركز الحادي عشر اقتصاديا بناء على الناتج المحلي، مما يؤهلها لتكون من الدول الغنية على الصعيد الدولي. وما يخفى على الكثيرين هو أن هذا البلد يعاني من إشكاليات داخلية كثيرة، منها على سبيل المثال تحكم اللوبي اليهودي على الساحة الداخلية والخارجية بشكل واضح، والتبعية الواضحة وعدم استقلاليتها بشكل كامل اقتصاديا وسياسيا وأمنيا عن الولايات المتحدة، وكذلك غلاء التعليم عن باقي دول العالم، وسوء تطبيق النظام الفيدرالي، والذي يجعل الكندي ينتقل بين دويلات داخل بلده، تتحكم في بعض الشؤون الخاصة بالمواطنة كالرخص والتأمين وغيرها، وأخيرا الانغلاق الداخلي للنظام الكندي للمواطن والمقيم، حيث يصعب على الزائر العديد من الأمور النظامية التي نجدها أكثر سهولة في البلد الجار الولايات المتحدة الأمريكية.

السياسة السعودية منذ الدولة السعودية الأولى حتى عهد المؤسس رحمه الله ومن بعده أبناؤه، تعتمد اعتمادا كليا على الاتزان والهدوء ومعالجة الأمور بالروية، وإعطاء العنصر الزمني دورا في إطفاء الأزمات والمواقف السياسية والاقتصادية والأمنية. ولكن ما لا يعلمه بعض الدول أن الخطوط الحمراء لهذا الوطن، والتي نكررها دوما في المحافل الإقليمية والدولية، هي أن ديننا وأمن وطننا لا يمكن أن نجادل فيهما أو نتهاون مع من يقف أمامنا مهما كان، لأننا مؤمنون بالله، نتعامل بأخلاقنا وقيمنا الإسلامية، ولا نعرف الكذب، ونتعامل بوضوح سواء أمام الكاميرات أو خلفها، ولذلك قال كارتر «السعوديون هم الوحيدون الذين يقولون في اجتماعاتهم ما يقولونه في العلن». لم تتدخل بلادي في شؤون الدول الداخلية لأي بلد، إلا من خلال ما يؤيده القانون الدولي وما تمليه علينا مبادؤنا وأخلاقنا في مد يد العون للجار والقريب، حتى أصبحنا من الدول الأكثر إنفاقا بناء على دخلها في التنمية البشرية لدول العالم وفقا للإحصاءات المعتمدة للأمم المتحدة.

في هذا العهد نبدأ صفحة جديدة وبخطى واضحة من خلال الرؤية السعودية التي يرى المراقبون والمعنيون أنها لم ترق لعدد من الدول إما مناكفة سياسية لموقف ما أو حسدا أو غيرة أو أنانية في مشاهدة النجاح لهذا البلد والتفاف الشعب حول قيادته في كل مناحي ومجالات العمل.

لقد كان البيان السعودي واضحا في كشف التدخل السافر للسفارة الكندية ووزارة الخارجية هناك في أوتاوا، وما تخفيه هذه التصاريح الكندية من أعمال أخرى لم يتم الإعلان عنها في الوقت الحالي. وجاء الرد مزلزلا للدولار الكندي الذي هوى في ساعات بشكل حاد، وتم إيقاف التعامل التجاري والاستثماري الجديد، وسيتم نقل الطلبة المبتعثين والمرضى لدول أخرى، مع احتفاظ المملكة بحق اتخاذ أي تدابير أخرى، لتتضح الصورة بأن الخطوط الحمراء لن نقبل المساس بها من أي شخص أو كيان أو دولة.

الرسالة لكندا أن المملكة أحرص على أبنائها من غيرها. وعليهم أن يعالجوا قيم العنصرية التي تكتوي بها البلاد هناك والتي أظهرتها العديد من التقارير الصحفية كتقارير الجارديان عن سوء المعاملة مع الجالية السورية وغيرها من المهاجرين.

على كندا أن تهتم بمبادئ المساواة بين المقيمين على أرضها، فكثير من الأدمغة المهاجرة تعاني مما يسمى «أعمال الياقة الزرقاء»، والتي تعني سهولة الحصول على الوظائف الدنيا كالحراسة والسباكة والنجارة وصعوبة الحصول على الوظائف العليا في الطب والهندسة والسياسة. على كندا أن تحمل القيم الإنسانية في عدم التمييز في الاختيار المهني للوظائف العليا، والتي أيدت من قبل الحكومة أخيرا تحت مسمى مشروع التجمعات المهنية الذي يهدف إلى إقصاء الوجهات العليا الوظيفية عن المهاجرين من خلال شروط منها أن تكون اللهجة إنجليزية كندية أو الانخراط المهني في كندا، في خطوة تعد عنصرية للمهتمين في هذا الشأن.

لكندا ولكل دولة تفكر في تجاوز خطوط مملكة الحزم والعزم، هنا سلمان، وهنا محمد، وهنا شعب يقابل حكامه بالقبل على الجباه والأكتاف. والنصيحة للكل هي «إن شفت نخله وسيفين.. طيع شورى ولا تحداها».

[email protected]