بسام فتيني

الفاتورة المجمعة وهجرة العقول الوطنية

الأربعاء - 11 يوليو 2018

Wed - 11 Jul 2018

قبل سنوات حذرت من هجرة الكفاءات الوطنية في المجال الإعلامي تحديدا، ومع ذلك هاجروا آنذاك، لكن نرى اليوم عودتهم ولله الحمد، ليقودوا دفة التغيير والتطوير في هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهذا جيد رغم ظهور بوادر عودة التسرب من جديد، لكن ماذا عن العقول الريادية المهاجرة؟ ماذا عن شباب وشابات الأعمال الهاربين من سم الروتين والتعقيد والإجراءات المنفرة؟ والسؤال المهم: هل يعي المسؤول خطورة فقدنا لهذه الكفاءات حين تتوجه للخارج القريب؟ ولا سيما أن عدد المشاريع الصغيرة التي تخرج من السوق بدأت في التزايد وهو ما لا يبشر بخير في مسار تمكين الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فالجميع يخسر حين تتجه العقول الريادية لدول الجوار وتهرب أو تتهرب أو تفر فرارا من مقصلة الرسوم والضرائب والمنافسة غير العادلة مع كيانات تجارية كبرى تلتهم كل ما حولها!

ومشكلة هذا القطاع (قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة) أن دمه مفرق بين أكثر من جهة كوزارة العمل والبلدية حين يتعلق الأمر برخصة المحل ثم التأمينات الاجتماعية والزكاة والدخل والدفاع المدني وغيرها من الجهات التي يضيع بينها الشاب أو الشابة حين يبادر بتأسيس مشروع صغير!

يحدث كل هذا رغم وجود هيئة متخصصة وهي هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة والتي لا نرى لها أثرا إلا في مشاركتها في المنتديات والمعارض والمؤتمرات!

ومن باب الإنصاف يجب أن نشيد ببعض مبادرات وزارة التجارة والاستثمار في إيجاد حلول تيسر أعمال فئة الرواد كمبادرة «مراس» مثلا، والتي تجمع الخدمات المطلوبة للبدء في تأسيس كيان صغير تحت سقف واحد، لكن ما تقوم به هذه الوزارة من جهة وتبنيه تأتي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتنسفه في لحظات بقرارات غريبة غير مدروسة كالفاتورة المجمعة!

الغريب في هذا القرار أن الوزارة صدمت بردة الفعل العنيفة من أبناء القطاع لأنها (في زعمها) كانت تستهدف بذلك ضرب التستر في مقتل! لكنها لم تفعل بل تفننت في قتل وسحل ونحر المنشآت الصغيرة بكل دم بارد! ثم جاءت ردة الفعل الخجولة بتجزئة المبلغ على 6 شهور!

وهذه الشجاعة الجزئية من الوزارة لا تكفي، بل يجب أن يكون معيار الشجاعة كاملا وتعيد النظر في إقرار تحصيل المبالغ بطريقة شهرية، مثلها مثل المستحقات والالتزامات الأخرى التي تتحملها الكيانات وتجدولها بشكل ميسر كمستحقات التأمينات الاجتماعية والرواتب.. إلخ.

والغريب تصريح أحد المسؤولين في وزارة العمل (غادر الآن موقعه) بأنه غير قلق من خروج منشآت من سوق العمل، وأن السعوديون سيدخلون كأصحاب عمل للسوق! ولا أعرف حقيقة ما معنى هذا التصريح! هل يقصد أن يقوم السوق بعمل (يوتيرن) مثلا؟!

خاتمة: بما أن وزارة العمل تستهدف التوطين بخطوات متتالية، لدي سؤال بريء لها وهو: كم أجنبيا (مستشارا) أو موظفا في صندوق الموارد البشرية هدف؟

@bassam4071