السياحة على حساب الدولة أجدى!
نشرت هذه الصحيفة قبل أيام خبرا مفاده أن وفدا كبيرا من مجلس الشورى قادتهم خطى المهام إلى بروكسل، في إطار الحراك لتبرير موقف المملكة والتحالف العربي إزاء
نشرت هذه الصحيفة قبل أيام خبرا مفاده أن وفدا كبيرا من مجلس الشورى قادتهم خطى المهام إلى بروكسل، في إطار الحراك لتبرير موقف المملكة والتحالف العربي إزاء
الجمعة - 06 نوفمبر 2015
Fri - 06 Nov 2015
نشرت هذه الصحيفة قبل أيام خبرا مفاده أن وفدا كبيرا من مجلس الشورى قادتهم خطى المهام إلى بروكسل، في إطار الحراك لتبرير موقف المملكة والتحالف العربي إزاء استغاثة الرئيس اليمني بأشقائه، ومبررات عاصفة الحزم، ولا غرابة أن يكون لأجهزة الدولة حراك مواز يدافع عن موقفها؛ لأن الخصوم يحاولون النيل بشتى الصور من سمعة المملكة، وتشويه جهودها في اليمن، لكن الغريب جدا هو (تفاجؤ) أعضاء المجلس حتى بدت نواجذهم من هول الصدمة «وهم فاغرون»، فكيف تكون لدى البرلمان الأوروبي معلومات (بشعة!!) عن بلادنا حسب الخبر!! لكن (الجماعة ما قصروا) حين قابلوا أكثر من خمسمئة عضو على مدى أسبوع كامل فبدّلوا قناعات الأوروبيين إلى درجة تعهدهم بلبس (شماغ البسام) تضامنا معنا!! وعاد وفدنا إلى الوطن باسمين، وعاقدين العزم أيضا على استهداف البرلمان الباكستاني جراء موقفه السلبي من عاصفة الحزم، وسيكون الشرح بالرسوم المتحركة عبر «البروجكتر»؛ لكسر حاجز اللغة.
طبعا لا اعتراض مطلقا على مبادرة الوفد وحراكه، ولا على قناعاته بضرورة تكرار الزيارة كل ثلاثة أشهر، فمَن يحظى بفرصة السفر إلى أوروبا أربع مرات سنويًا (مصروف مكلوف) ويتراخى عنها؟! لكن الاعتراض ينسرب من شقوق الألم العميق، وكل هذه الثروات الطائلة التي لم تستطع أن تؤسس لآلة إعلامية قوية تخترق العالم، وتعرّفه بمن يكون هؤلاء القوم، وماذا يريدون في الحياة، وكيف سيكونون شركاء للعالم في إعمار الأرض وحمايتها، وإسعاد البشرية؟!حالنا يا سادة مزرٍ إلى درجة الضحك بكاءً، والحزن رقصا، وكل فنوننا وخطاباتنا ومدحنا، وفخرنا بذواتنا، وحراكنا الدعوي والعلمي والثقافي والإعلامي والرياضي والفني والهياطي موجهة إلينا فقط، وبالكاد نملك صحيفة وقناة تلفزيونية بلغة الآخر، جل ما يعرض فيها لا يلتفت إليه أحد، فما دام السياسيون والبرلمانيون في أوروبا يملكون عنا معلومات (بشعة)؟ فماذا تملك شعوب أوروبا، وماذا لدى الصينيين والروس واليابانيين والكاميرونيين والمكسيكيين؟هل تتذكرون تصوير الأفلام الأمريكية لنا بصور الأثرياء السُذّج؟ أو صور الدنجوان المهووس بالنساء؟ وحتى زيّنا الوطني يرتدونه بشكل مشوّه لا يمت لنا بصلة في كيفيته، ولا ماهيّته، رغم دقتهم في صناعتهم السينمائية، فما السبب في نظركم؟ هل لأن أولئك القوم لم يأتوا إلى بلادنا؟ أم لأننا لم نحاول حتى تصحيح معلوماتهم؟ ولن أكون مخطئا إذا قلت إنّ تصرفات أثريائنا في ترددهم على تلك البلدان هي التي صوّرتنا بتلك الصورة.
هذا على أبسط المستويات، فما بالكم بصورتنا المشوّهة جدا منذ أحداث 11 سبتمبر حتى اليوم.
لا نزال أسرى تفريطنا اللامبرر في لغة العالم الحديث، وغافلين إلى أبعد الحدود عما تقدّمه الآلة الإعلامية القوية والرصينة والهادفة عن صورتنا، فإن كان جنودنا البواسل يدافعون عن حدود البلاد ويفتدونها بأرواحهم، فإن دور الإعلاميين لا يقل أهمية في الذود عن صورتنا التي تزداد قتامة باستمرار، فهل سعى إعلاميونا إلى عقد شراكات مع وسائل الإعلام العالمية، وهل ظهر مثقفونا في تلك الوسائل شاسعة الامتداد فدافعوا عن صورتنا، وشرحوا للعالم مَن نكون؟ وهل بادر فنانونا إلى إنتاج (دراما) من هذا النوع تخاطب الآخر، وتجلّي الغبش والتشويه عن صورة (يا غافلين لكم الله)؟! وليتكم تتأملون الصهاينة وهم يزجّون بمتحدثيهم ومحلليهم في قنواتنا العربية، ويصبرون على النعوت القبيحة في سبيل تبرير عدوانهم، وهم مجرمون يحتلون أرضنا!!نحن في عالم لا يؤمن بالضعف ولا بالركون، ولا يبالي ببكاء المظلوميات المبتدع، وللأسف لا نزال أسرى الصمت، وإذا حزَبنا أمرٌ أرسلنا الوفود شرقا وغربا، أو فرحنا بجناح في المعارض العالمية عن ملابسنا وأدوات طبخنا التراثية، ورسالة إعلامية يضرب فيها المذيع رقم الزوار في 10، في حين يزداد مشوهونا قوة وضراوة في إلحاق الضرر بسمعتنا وصورتنا.
نملك الكثير من المقومات التي تساعدنا على بناء غدٍ مشرق ومتين، ولا نعلم ماذا يخبئ الزمان من مفاجآت، فما المانع أن تبادر المؤسسات الإعلامية والثقافية وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام إلى تبني مشروع وطني حقيقي باستراتيجيات مدروسة يشرح وجهة نظرنا، ورؤيتنا للعالم والكون، وحبنا للسلام والأمن والإنسانية والخير والجمال، وحربنا الضارية ضد الإرهاب الدولي الذي تقوده إيران، أو الإرهاب البشع الذي تمارسه التنظيمات المجرمة، ونصطلي بناره من دون العالمين!! وما المانع أن تخرج جامعاتنا عن صمتها المريب وتنشئ كليات إعلامية متخصصة، ومعاهد للدراما على أعلى المستويات، تخرّج كوادر إعلامية وفنية وتقنية مؤهلة تأهيلا عاليا، يحملون مشعل الدفاع عن أمتهم، ويقدمونها إلى العالم بلغة العصر.
ختاما: هذه ليست أماني أكتبها وفاء بالتزامي مع الصحيفة، بقدر ما هي واجب تأخر عنه الإعلاميون والأكاديميون كثيرا، وآن أن تشرِق شمسا في سبات الغروب!!