المذنب.. فيحان القصيم وقبلة السياح

إذا كنت من الباحثين عن الهواء النقي، سواء كنت بمفردك أو مع أسرتك أو كنت في معية مجموعة أصدقاء ينبغي عليك التوجه إلى بلدة المذنب، فالمنطقة التي تقع في هضبة يتميز جنوبها بالرطوبة، وتشق شمالها برودة جيدة نسبيا، وما بين طقس حافل بالشمس الساطع طوال اليوم صيفا وغائم جزئيا في فصل الشتاء يمكن للسياح أن يستمتعوا بالمصبات المائية وتغلغل الأودية التي تعبر بانسياب إلى شمال المدينة

ولا تنعزل المدينة عن الجمال البيئي، فعشاق السياحة الصيفية يتوافدون إليها وإن كانت عطلهم لا تتجاوز أيامها أصابع اليد الواحدة، كما أنها تسمى بفيحان القصيم لكثافة زهور الربيع في أنحاء أوديتها لتضفي رونقا وجاذبية على منطقة المذنب التي تقع جنوب منطقة القصيم على حدود العاصمة السعودية في الاتجاه الشمالي، وتقع على بعد 80 كلم عن مدينة بريدة

والمذنب من أكبر المحافظات التي تقع وسط الجزيرة العربية، حيث تمثل الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة القصيم، ولذا تعتبر بوابتها الجنوبية، حيث ترتبط مع المناطق الأخرى عبر شبكة من الطرق المعبدة، وهي ثالث محافظات المنطقة من فئة (أ) حيث يقارب عدد سكانها 70 ألف نسمة وتزيد مساحتها عن 4000 كلم ويتبعها حسب التوزيع الإداري أكثر من 60 مركزا وقرية وهجرة بالإضافة إلى آلاف المزارع مما يساعد على وجود نهضة زراعية وتطورا عمرانيا سريعا

وتغذي المدينة الأمطار الشتوية الكثيفة كما تمتد روضة المصية البراقة بخضرتها بطول 3 كلم إلى جانب بحيرة المصية الواقعة جنوب المدينة، وتكفي مياهها للبقاء لفترة عامين قبل أن تهطل عليها أمطار سنوية في فصل الشتاء، ولا تنفصل أسماك البلوط عن البحيرة، فهي تغدو وتمضي في هدوء، ويمكن لمن يهوى الصيد أن يمكث دقائق فقط لاصطيادها، وغالبا ما يفضل السياح قضاء ساعات النهار بالقرب من البحيرة

وعلى مستوى السياحة التاريخية والأثرية تعتبر مدينة المذنب ضمن أبرز المدن في المملكة العربية السعودية التي تتصدر قائمة أكثر المدن عراقة بعد أن أدرجت في إطار السياحة كأولى المناطق، ويقع في البلدة أكثر من 33 معرضا أثريا، فيمكن للسياح زيارة السجن القديم والعتيق ذي الأبواب الحديدية الصلبة، ومتحف بيت الغيلان، كما يمكنهم أن يعرجوا على مدرسة الكتاتيب التي أنشأت قبل 200 عام، ويمكنهم قضاء ساعات في النزل الريفية والمجلس والسوق، وشوهد سياح يترددون على قصر الإمارة التي بنيت وفق طراز معماري فريد من نوعه، ومكث به فهد بن عبدالكريم العقيلي قبل أكثر من ألف عام

وإذا رمت يوما الاستمتاع بسحر الطبيعة وجاذبيتها فما عليك سوى التوجه لواحات المذنب التي تحيط بها الأشجار وتقع بين الكثبان الرملية شرقي المدينة

وتكثر بالمدينة آثار قديمة لقرية بني هلال حولتها إلى مستقطب لهواة جمع الآثار لما تزخر به صخورها ومواقعها المختلفة بتلك الآثار، وكذلك بقايا آثار قصر باهلة حيث تبقى منها المسجد الذي يعود عمره إلى 700 سنة، وحافظت المذنب على إرثها التاريخي الذي حول بعد ترميمها إلى مزار تراثي طيلة العام للوفود السياحية من داخل وخارج السعودية تحتفظ بداخلها على أكثر من 5000 قطعة أثرية تعود لمئات السنين تعرض في كافة معارضها

وعرفت في قصائد الشعراء وهاموا بها سنوات عديدة في العصر الجاهلي منهم لبيد بن ربيعة العامري

طَرِبَ الفؤاد وليته لم يَطْـرب وعناه ذكـر خلَّةٍ لم تُصْقب

سفهاً ولو أني أطيع عواذلـي فيما يُشيرنَ به بسفح المذْنَب

لَزجْرتُ قلباً لا يريع لزاجـرٍ إنَّ الغَـويَّ إذا غـوى لم يُعتب

ويفضل السياح وزوار المدينة الانتقال إلى مسطحات مائية في فترات الظهيرة عندما يحل الشتاء وتقام عليها احتفالات ومهرجانات المنطقة إلى جانب ارتياد 30 ألفا من عشاق مسابقات السيارات المعدلة في أنحاء السعودية ودول الخليج ونظم بها 3بطولات من قبل الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، ويبذل سكان المذنب قصارى جهدهم لتعريف السياح بالمنطقة والطواف بهم في الأماكن الأثرية خاصة في العطلات الأسبوعية، فالعديد من السياح يطلبون رؤية المواقع ذات الطابع المعماري الإسلامي ويساعدهم على ذلك إنشاء المجلس لممرات وسط الجبال والصخور ورصف الطرق بعناية فائقة كما لا يمل مسؤولي المدينة من إنشاء الاستراحات للسياح وللجلسات العائلية بمتنزه خرطم وبعض الشوارع الرئيسة

ولا تزال بلدية محافظة المذنب بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار تمضي قدما في ترميم كامل للمدينة وأبراج المراقبة التراثية والمعارض وتنظيم المناشط وتحويلها إلى مزار طيلة العام لكافة الزوار والوفود السياحية كما أنها ترمم أبراج المراقبة الحربية التي بقيت بكامل محتوياتها حتى اليوم بآثار الحروب والغزوات التي استهدفت المنطقة، لكن على ما يبدو فإنها كانت محصنة بعتاد كاف، وتزاحم المدينة أيضا مياه بئر سطحي وكأنها ترفض البقاء في أعماق سحيقة لاستقبال السياح والزائرين

ويكاد لا يجد الزائر والسائح كثير عناء في إيجاد معلومات عن المنطقة إذ تتوفر علامات تشير إلى الأماكن الأثرية على طول طرقات المدينة التي تظهر بشكل جذاب، والآن يجري العمل لتحويل المدينة التراثية (سوق المجلس) إلى منتجع سياحي

ويحاول المسؤولون بالمدينة تطويرها باستمرار لضمان السياحة المستدامة وتوفير فرص العمل وزيادة دخل السكان وتنمية أوضاعهم الاقتصادية، خاصة حصول المدينة على جائزة التفوق السياحي على مستوى عموم السعودية مما يجعلهم أكثر حماسا للمضي قدما في خطتهم

شقق فندقية في المذنب: شقق وشالهيات المذنب - الخالدية للشقق الفندقية