الجحفلة سياسيا وتربويا!

تعريف الجحفلة لغير الرياضيين؛ هي ليس فقط أن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ بل أن "تنعن" خامس السفن أيضا، والمصطلح في الأصل منشؤه هلالي ونشره النصراويون "طقطقة" على الهلاليين لكنهم تجحفلوا به.
مهما يكن من أمر، فالجحفلة رياضيا أُشبع مقالات وكتابات، لكن على مستوى المجتمع والحياة فلم يتجحفل أحد، وأتوقع أن يتم ضم مصطلح "الجحفلة" للسان العرب والقاموس المحيط ومعه أشقاؤه الفعل "جحفله" وصيغة التفضيل منه "ما أجحفله" واجحفل به" والمصدر "جحفلة" كذلك.

فجحفلة الوزير مثلا؛ إقالته وهو في رحلة عمل الوزارة ومعه وفد؛ وهو الرئيس بل أصغرهم سنا، فينقلب السحر على "جحفلي" الصغير ويرجع لبلده على خطوط دولة شقيقة، أما "جحفلة" السفير وهو أن يقال في بلده، بناء على طلب زوجته التي تطلّقت منه حديثا، ولا يعرف أنه تمت "جحفلته" إلا في الطائرة، فينزل منها للعاصمة، وتضحك السفارة كلها دون أن "يتجحفل" منهم أحد!
وفي أحد بلدان الربيع العربي،" تجحفل" الرئيس يعني احترق نصف وجهه، وأحرق بلده في نار الفوضى، وغضب الناس عليه، وربما "تجحفل" نظام رئيس آخر، فاستعان "بجحفلة" الشيطان الأصغر فلم يفلح، فلجأ إلى روسيا "فجحفلت" الشعب والرئيس معا، أما كيف تتم "جحفلة" إيران وأذنابها، فإنه لا تتم هذه "الحجفلة" إلا بالوحدة الوطنية التي هي الحل الوحيد وإلا "تجحفلنا" و"تجحفل" وطننا، نسأل الله ألا يحدث شيء من هذا!
أما على المستوى الاقتصادي، فإن هبط سعر برميل النفط لأقل من أربعين دولارا فقد تمت "جحفلتنا"، وإن زاد عن مائة دولار للبرميل فقد "جحفلنا" العالم كله، فإن كان بينهما؛ فالسعر عادل، وانتهت المباراة اقتصاديا بلا أشواط إضافية أو مفاجآت، إذن لم "يتجحفل" أحد.

وعلى مستوى التربية والتعليم فإن تخرج الطالب بمعدل ثانوية عامة ٩٩٪ ولم يجد مقعدا دراسيا في الجامعات السعودية إلا في كليات خدمة المجتمع فقد تمت "جحفلة" هذا الطالب، أما إن وجد واسطة ودخل كلية الطب فقد "تجحفلت" التعليم الجامعي، وهيئة الفساد، والتربية والتعليم!
أما جحفلة الشوارع وأنظمة المرور، فتعني أن يخطئ عليك أحدهم مائة في المائة، ويأتي رجل المرور فيحملك نسبة ٢٥٪ احتياطا، فهنا تمت "جحفلتك" وسيارتك تجحفلت أيضا، والله خير ناصرا، وهو أرحم الراحمين.

أما في الإسلام، فقد كان التجحفل هو: أن يؤمن الناس بالله أو يموت أحدهم كافرا "متجحفلا" وإلى جهنم وبئس المصير، وكانت تُبعث الرسائل إلى ملوك الفرس والروم للإسلام، أو تتم "جحفلتهم" من كراسيهم وممالكهم، بفعل الفتح الإسلامي والدعوة إلى الله.

وفي النهاية، نحن في هذه الحياة يا "متجحفل" أو "متجحفل" به، ونعتذر للشاب الهلالي الخلوق "محمد جحفلي" الذي سجل هدفا ثم خلق المصطلح وتحمل تبعاته، وقبل أن أختم، سُئلت سيدة كبيرة ما معنى جحفلة؟ فقال لها ابنها: الإيذاء، فقالت "الله لا يجحفلنا إلا بطاعته"، قلت: آمين، وسبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك!

albarrak.
a@makkahnp.
com