الاحتواء العاطفي

السبت - 02 يونيو 2018

Sat - 02 Jun 2018

أكثر ما يميز مجتمعاتنا الإسلامية أو الشرقية هو أهمية الأسرة وقوة وجودها وتأثيرها في المجتمع، ويعود ذلك لعوامل عدة أهمها الدين الإسلامي.

تنمو الأسرة وتزدهر عن طريق التواصل الفعال بين أعضائها وتكوين الصداقة قبل الالتزام والاهتمام، وقبل المسؤولية.

في هرم ماسلو كانت الحاجة للحب والانتماء ثالث أهم الحاجات الإنسانية لينمو الفرد ويتعلم ويتفاعل بشكل متوازن مع أقرانه.

والاحتواء العاطفي داخل الأسرة يعد من المصادر المغذية للحب والانتماء ومن أهم مقومات بناء أسرة صحيحة وسوية، ويشمل ذلك (احتواء المشاكل، المشاعر، الثقة، الحب، القبول، الحوار، الصراحة، الحرية، اكتمال الحقوق).

يغيب الجو العاطفي الفعال أحيانا بين الأم أو الأب وأطفالهما بسبب عدم الوعي والإدراك لأهمية ذلك النوع من التواصل، وقد يكتفي البعض بتوفير الملبس والمأكل والمشرب لاعتقاده أنه قام بواجباته تجاه أسرته وأبنائه وقام بتوفير جميع احتياجاتهم.

نخجل كجتمع شرقي من الحديث عن العواطف ووصف المشاعر وإظهارها والتعامل على أساسها، بل ويصل الأمر أحيانا إلى الاعتقاد أن احتواء الأم لأبنائها الذكور بكلمات الحب والتشجيع والاحتضان «عيب» وقد يمتد الموضوع ليشمل الإناث أيضا.

عدم الاحتواء العاطفي الذي يحصل داخل الأسرة قد لا تكون فقط مشكلته الوحيدة «العيب» وطبيعتنا كمجتمعات شرقية، وإنما قد تمتد أصول المشكلة إلى الوالدين وكيفية قضاء أوقاتهما بمعزل عن أبنائهما بهدف توفير لقمة العيش والانشغال بدوامة الحياة.

تكبر المشكلة وتصل لانفصال عاطفي كامل داخل الأسرة نفسها، فيصبح التواصل الوحيد هو وجبة الطعام وحالة إشارة الانترنت، ويدخل بعدها الفرد في دائرة مخيفة يكون معرضا فيها لأنواع كثيرة من الاختلالات كالانحدار في الفئات الضالة أو التدخين أو حتى بعض الاضطرابات النفسية.

للأسرة تأثيرها الكبير في تشكيل هوية الإنسان وقوة شخصيته وصنع قراره وقد يكون الاحتواء العاطفي والتواصل الفعال بين أفرادها أفضل ما يورثه ويقدمه الوالدان لأبنائهما ليربوا في جو إيجابي سليم.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».