من أجل تحسين كفاءة المؤسسات العامة

الإصلاح الحكومي ورفع كفاءة المؤسسات العامة بدآ يأخذان حيزا أكبر في القرارات الحكومية الأخيرة، بدءا من إلغاء 12 مجلسا إداريا كانت البيروقراطية الإدارية تضرب أطنابها فيها، إلى جانب تصحيح كثير من الإجراءات الحكومية، واستمر مسلسل الخطوات التصحيحية خلال الأشهر التالية، انتهاء بإلغاء مركز الأداء لقياس الأجهزة الحكومية، وإنشاء مركز وطني لقياس أداء الأجهزة العامة باسم (المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة) تكون له شخصية اعتبارية مستقلة ماليا وإداريا ويرتبط تنظيميا برئيس مجلس الوزراء

الإصلاح الحكومي ورفع كفاءة المؤسسات العامة بدآ يأخذان حيزا أكبر في القرارات الحكومية الأخيرة، بدءا من إلغاء 12 مجلسا إداريا كانت البيروقراطية الإدارية تضرب أطنابها فيها، إلى جانب تصحيح كثير من الإجراءات الحكومية، واستمر مسلسل الخطوات التصحيحية خلال الأشهر التالية، انتهاء بإلغاء مركز الأداء لقياس الأجهزة الحكومية، وإنشاء مركز وطني لقياس أداء الأجهزة العامة باسم (المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة) تكون له شخصية اعتبارية مستقلة ماليا وإداريا ويرتبط تنظيميا برئيس مجلس الوزراء

الخميس - 22 أكتوبر 2015

Thu - 22 Oct 2015



الإصلاح الحكومي ورفع كفاءة المؤسسات العامة بدآ يأخذان حيزا أكبر في القرارات الحكومية الأخيرة، بدءا من إلغاء 12 مجلسا إداريا كانت البيروقراطية الإدارية تضرب أطنابها فيها، إلى جانب تصحيح كثير من الإجراءات الحكومية، واستمر مسلسل الخطوات التصحيحية خلال الأشهر التالية، انتهاء بإلغاء مركز الأداء لقياس الأجهزة الحكومية، وإنشاء مركز وطني لقياس أداء الأجهزة العامة باسم (المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة) تكون له شخصية اعتبارية مستقلة ماليا وإداريا ويرتبط تنظيميا برئيس مجلس الوزراء.

هذه القرارات جاءت لمعالجة التحديات والمشاكل التي تعاني منها الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، وتتلخص في الترهل الإداري، وعدم وضوح في الرؤية والأهداف إلى جانب غموض المسؤوليات وتضارب وتداخل الاختصاصات فيما بينها، هذه المشاكل متشابهة ومتوارثة في معظم المؤسسات، ويمكن إرجاعها إلى طبيعة عمل وتكوين هذه المؤسسات، فهذه المؤسسات في مأمن من الإفلاس ما دامت في كنف ورعاية الدولة، إلى جانب أنها لا يمكن أن تخفض من أعداد موظفيها، كما أنها لا تستطيع تخفيض أو تقليص أعمالها لارتباطها بخدمة المواطنين.

الحكومة تدرك أن رفع كفاءة المؤسسات العامة هو الطريق الوحيد لبناء اقتصاد قوي، ورفع مستوى ثقة المواطن في أداء هذه المؤسسات، كونها تتحمل مسؤولية كبرى في تقديم الخدمات الأساسية الضرورية: الكهرباء والغاز والطرق والموانئ والمطارات، وكثير من الدراسات تؤكد أنه يمكن رفع كفاءة المؤسسات العامة دون الحاجة إلى تغيير ملكيتها، وأنه لا علاقة بين كفاءة المؤسسة ونوع الملكية، وهو ما سعت إليه وأكدته غير مرة.

وما ذهبت إليه الحكومة في قراراتها الأخيرة من السعي لرفع كفاءة الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة يتوافق مع هذه الرؤية والدراسات العلمية، فليس كل المؤسسات العامة قابل لتغيير الملكية والتخصيص، كما أن التخصيص يرتبط بالاستقلال والربحية، وهذا لا ينطبق على معظم المؤسسات العامة لعوامل اقتصادية أو اجتماعية ليس المجال هنا لذكرها.

على أية حال، إصلاح الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة ورفع كفاءتها لا بد أن يأتي متكاملا مع الإصلاحات في جميع القطاعات المالية، والاقتصادية، الاجتماعية، لأن الإصلاح الجزئي لبعض المؤسسات وترك البعض الآخر دون إصلاح لن يؤتي أكله، ولا يغير كثيرا من الواقع، وقد يعطل عمل وديناميكية الإصلاحات التي تم إجراؤها في بعض القطاعات.

تجارب الإصلاح التنظيمي التي أثبتت نجاحها كثيرة ومتعددة، من أبرزها تجربة كوريا الجنوبية في إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، قد تكون مفيدة وثرية للاستفادة منها، لأن هناك كثيرا من أوجه التشابه بين حال المؤسسات العامة الكورية قبل تجربة الإصلاح الإداري وواقع بعض المؤسسات العامة في المملكة، ولا يعني ذلك الدعوة إلى تبني النهج الكوري في الإصلاح التنظيمي، بل الاستفادة من النقاط الإيجابية منه فقط.

والتجربة الكورية طبقت إصلاحات تنظيمية شاملة، وفقا لما نقله «ها- جون تشانج» أستاذ العلوم السياسية في جامعة كمبريدج البريطانية، والمختص في الاقتصاد السياسي الإنمائي، بدأت في مراجعة أهداف المؤسسات المملوكة للدولة، بحيث يتم تحديد أهداف واضحة لكل جهة أو مؤسسة على حدة، مع تقييم صريح لك هدف منها، بما يقلل التداخل والتضارب بين الأهداف، إلى جانب توفير معلومات كافية وضرورية حول أداء هذه المؤسسات، مما يعزز دور المؤسسات الرقابية ويسهل عملها بالاستفادة من هذه المعلومات بطريقة من أجل الرقابية ومستوى الجودة.

وبالتزامن مع هذه الإجراءات عمدت سول إلى تحسين نظام الحوافز للعاملين في المؤسسات العامة، بهدف تحفيز الموظفين لرفع الكفاءة والإنتاجية، وهذه الحوافز مادية أو غير مادية، كما عمدت لزيادة كفاءة الرقابة وفاعليتها على توحيد الأجهزة الرقابية تحت هيئة واحدة، تضم أكفاء الموظفين لمراقبة المؤسسات العامة، بالإضافة إلى تخفيض عدد المؤسسات المملوكة للدولة من خلال دمج بعض المؤسسات العامة مع بعضها بعضا أو تصفيتها، كما لجأت إلى خصخصة بعضها الآخر بغرض تسهيل عمل المراقبة.

وبالتالي فإصلاح المؤسسات العامة يتطلب إيجاد حوافز مالية وغير مالية لزيادة الكفاءة والإنتاجية، فالتغيير التنظيمي وحده لن يكون كافيا في ظل غياب نظام الحوافز في القطاع الحكومي أو المؤسسات العامة المملوكة للدولة، وإعادة النظر في وضع الأجهزة الرقابية المتعددة (هيئة الرقابة والتحقيق، ديوان المراقبة العامة، هيئة مكافحة الفساد)، ودمجها في جهاز مركزي موحد يمارس الاختصاصات الرقابية كافة.