الوظيفة.. زمن الحمل والتوليد
صدر قبل أيام أمر بتكوين هيئة عليا لتوليد الوظائف ومكافحة البطالة، ولم يكن ذلك غريبا إلا في الاسم الجديد، وبغض النظر عن الشكليات فلم تكن هذه المحاولة الأولى التي تبحث عن سبل كثيرة لتوفير الوظيفة والعمل لمن يستطيع العمل ويبحث عنه ولا يجده من الشباب السعودي، ومن أقدم المحاولات ما عرف بالسعودة طيبة الذكر التي نالت جهدا كبيرا من المسؤولين لحلحلة مشكلة البطالة التي أطلت برأسها منذ فترة ليست قصيرة، وصارت محاولة السعودة إلى فشل ذريع في تطبيقها لأنها فقدت كثيرا من شروط النجاح وأهم فشل فيها هو عدم الربط بين طبيعة الوظيفة وأهلية الموظف، وبعدها جاءت محاولات كثيرة ليس آخرها هدف وجدارة وغيرهما من المحاولات التي لم تستطع أن تقدم حلا يساعد الجهات المسؤولة عن التوظيف في كل المؤسسات في القطاعين الخاص والعام، ولم ينجح شيء منها ومع كل عام يمر تزيد البطالة ويزيد عدد الباحثين عن العمل، وتزيد مع ذلك الجهود التي تبحث عن طريق إلى حل مهما كان نوع الحل
صدر قبل أيام أمر بتكوين هيئة عليا لتوليد الوظائف ومكافحة البطالة، ولم يكن ذلك غريبا إلا في الاسم الجديد، وبغض النظر عن الشكليات فلم تكن هذه المحاولة الأولى التي تبحث عن سبل كثيرة لتوفير الوظيفة والعمل لمن يستطيع العمل ويبحث عنه ولا يجده من الشباب السعودي، ومن أقدم المحاولات ما عرف بالسعودة طيبة الذكر التي نالت جهدا كبيرا من المسؤولين لحلحلة مشكلة البطالة التي أطلت برأسها منذ فترة ليست قصيرة، وصارت محاولة السعودة إلى فشل ذريع في تطبيقها لأنها فقدت كثيرا من شروط النجاح وأهم فشل فيها هو عدم الربط بين طبيعة الوظيفة وأهلية الموظف، وبعدها جاءت محاولات كثيرة ليس آخرها هدف وجدارة وغيرهما من المحاولات التي لم تستطع أن تقدم حلا يساعد الجهات المسؤولة عن التوظيف في كل المؤسسات في القطاعين الخاص والعام، ولم ينجح شيء منها ومع كل عام يمر تزيد البطالة ويزيد عدد الباحثين عن العمل، وتزيد مع ذلك الجهود التي تبحث عن طريق إلى حل مهما كان نوع الحل
الثلاثاء - 20 أكتوبر 2015
Tue - 20 Oct 2015
صدر قبل أيام أمر بتكوين هيئة عليا لتوليد الوظائف ومكافحة البطالة، ولم يكن ذلك غريبا إلا في الاسم الجديد، وبغض النظر عن الشكليات فلم تكن هذه المحاولة الأولى التي تبحث عن سبل كثيرة لتوفير الوظيفة والعمل لمن يستطيع العمل ويبحث عنه ولا يجده من الشباب السعودي، ومن أقدم المحاولات ما عرف بالسعودة طيبة الذكر التي نالت جهدا كبيرا من المسؤولين لحلحلة مشكلة البطالة التي أطلت برأسها منذ فترة ليست قصيرة، وصارت محاولة السعودة إلى فشل ذريع في تطبيقها لأنها فقدت كثيرا من شروط النجاح وأهم فشل فيها هو عدم الربط بين طبيعة الوظيفة وأهلية الموظف، وبعدها جاءت محاولات كثيرة ليس آخرها هدف وجدارة وغيرهما من المحاولات التي لم تستطع أن تقدم حلا يساعد الجهات المسؤولة عن التوظيف في كل المؤسسات في القطاعين الخاص والعام، ولم ينجح شيء منها ومع كل عام يمر تزيد البطالة ويزيد عدد الباحثين عن العمل، وتزيد مع ذلك الجهود التي تبحث عن طريق إلى حل مهما كان نوع الحل.
والسبب في فشل المحاولات منذ ثلاثين عاما أننا لم نلتفت للمحضن الدافئ الذي تعشعش فيه البطالة وتنمو أشواكها الحادة في مستنقعه الآسن، ذلك المحضن هو المدينة العصرية التي اتسعت شهيتها لابتلاع السكان من المدن الصغيرة ومن الأرياف والقرى والنواحي، المدينة تأكل بعضها وتأكل أهلها ولا تهضم شيئا تأكله ما لم يجد الناس فيها ما يشغلهم ويلهيهم ويملأ وقتهم بالعمل المنتج، أما إذا ترهلت المدينة وضعف حراكها وحيويتها عندئذ تصبح خطرا يهدد وجودها ووجود سكانها وأولها البطالة التي استوطنت المدينة ونمت فيها، وكل المحاولات التي تمت تتجاهل حقيقة النمو المتسارع في المدن والأسباب التي جعلت التكيف مع النمو غير متوافق مع الحلول التي تحاول الجهات المسؤولة البحث عنها حيث تغفل عاملين مهمين:أولهما طلاب العمل ونوعيتهم وتعدد رغباتهم واختصاصاتهم، وتمييز الشرائح المستهدفة وتأهيلهم وطبيعة العمل الذي يمكن توفيره لكل شريحة من هذه الشرائح، مثل شريحة الشباب وهي أكبر شرائح العاطلين في مجتمعنا وأخطرها وأكثرها تأثيرا على السلم الاجتماعي، وتأتي بعد الشباب شريحة النساء حيث تبلغ البطالة بينهن أعلى نسبة من جميع الشرائح الأخرى ومجالات العمل المتاح لهن حدد في عدد قليل من التخصصات، وعدد أقل من الجهات التي تقدم لهن فرص العمل، وعدم فتح المجال لعمل المرأة إلا في أضيق الحدود ضاعف المشكلة وزاد من تعقيدها، وشريحة المتعلمين الذين بدأت بطالتهم تظهر على السطح وهي أقسى أنواع البطالة، وأكثرها ضررا في المجتمع الذي تعجز إمكاناته عن استيعاب الفئة المؤهلة من أبنائه في كل القطاعات بغض النظر عن نوع القطاع وخدماته وطبيعة عمله.
العامل الثاني:تجاهلت الحلول طبيعة ونوعية الأعمال الجديدة ومواكبة التطور السريع، حيث ولدت وظائف وحرف جديدة غير معهودة وغير مألوفة لكثير من المواطنين، فقد أغفلت المحاولات السابقة التعريف بهذه الحرف والوظائف التي يحتضنها القطاع الخاص، مثل الخدمات العامة والتخصصات الفنية التي ما زال يديرها غير المواطنين ويتحكمون بها، وتغلق أبوابها في وجه المواطن، وكان الأولى إبرازها والبحث عن آليات تمكن المواطن من المشاركة في هذه الأعمال وأكثرها لا تحتاج إلى رأس مال كبير ولكنها تحتاج إلى احتراف وتدبير وتهيئة الطرق إليها والتشجيع عليها.
المدينة أصبحت بوتقة للبشر ينصهر في جوفها الملايين تقذفهم إليها عوامل كثيرة أهمها البحث عن المستقبل لكل من يسكن المدينة ويعيش فيها سواء كان من أهلها أو الوافدين إليها، وقد كتبت دراسات ونشرت بحوث وأنفق علماء الاجتماع حياتهم في توصيف المدينة الحديثة وما تحمله في طياتها من إيجابيات وسلبيات كثيرة، من الإيجابيات تبادل المعارف والمصالح واكتساب الخبرات وتعدد النشاطات وإحداث التلاقح المعرفي والتدريب المهني وشحذ الخبرات الذاتية.
أما سلبياتها فأخطرها البطالة ولم تكن البطالة مرعبة ومخيفة مثلما أصبحت اليوم في عصر التجمع السكاني الرهيب في المدن الكبيرة التي يصل عدد سكانها الملايين، حيث تفتح البطالة جيوبا واسعة وثقوبا سوداء تلتهم العاطلين وتقذف بهم إلى نوازع الخطر على المدينة والمجتمع.
المدينة اليوم لا تسمح لسكانها بالارتخاء والتمهل، وحياة المدينة قاسية مؤلمة لا تترك للعاطلين متسعا يعيشون فيه وقد كانت البطالة هي الشبح المخيف للمجتمع وللدولة ولا تزال كذلك.