الأفلام والكتب المسيئة.. والمواقف المطلوبة!

استدعت وزارة الخارجية السعودية مؤخرا سفير جمهورية التشيك لدى المملكة على خلفية قيام دار نشر تشيكية بترجمة كتاب آيات شيطانية، لسلمان رشدي، وعبّرت له عن استنكار المملكة واستهجانها لترجمة هذا الكتاب ونشره؛ لما يحمله من إساءات ضد الإسلام والمسلمين

استدعت وزارة الخارجية السعودية مؤخرا سفير جمهورية التشيك لدى المملكة على خلفية قيام دار نشر تشيكية بترجمة كتاب آيات شيطانية، لسلمان رشدي، وعبّرت له عن استنكار المملكة واستهجانها لترجمة هذا الكتاب ونشره؛ لما يحمله من إساءات ضد الإسلام والمسلمين

الثلاثاء - 13 أكتوبر 2015

Tue - 13 Oct 2015



استدعت وزارة الخارجية السعودية مؤخرا سفير جمهورية التشيك لدى المملكة على خلفية قيام دار نشر تشيكية بترجمة كتاب آيات شيطانية، لسلمان رشدي، وعبّرت له عن استنكار المملكة واستهجانها لترجمة هذا الكتاب ونشره؛ لما يحمله من إساءات ضد الإسلام والمسلمين.

ومن المعلوم أن هذا الكتاب قد صدر في لندن قبل نحو سبعة وعشرين عاما.

والمتابع يجد أن السنوات الأخيرة شهدت أمورا استفزازية لمشاعر المسلمين، كالتجرؤ على شخص الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فقد بدأ قبل أعوام عندما قامت صحيفة دنماركية بنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول الكريم، ثم تلقفتها عدة صحف بعد ذلك في أوروبا وقامت بنشرها بدعوى حرية الرأي والتعبير، ومن حين لآخر تقوم بعض الصحف الأوروبية وغيرها بنشر هذه الرسوم في استهانة بالغة بمشاعر المسلمين داخل وخارج هذه البلدان.

ودائما ما تكون الحجة التي تساق في مثل هذه الأحوال الدفاع عن حرية الرأي والفكر وأن مبادئ الديمقراطية تكفل لكل إنسان التعبير عن معتقداته دون حجر عليها، في الوقت الذي يتم فيه منع بعض الأعمال المسيئة للمسيح عليه السلام، ومنع بعض الفضائيات بدعوى العداء للسامية، فأين هي حرية التعبير؟! إن المسألة تتعلق بالمصالح والنفوذ والاعتبارات السياسية، وليس كما يدعون بحرية الرأي والتعبير.

ومن ضمن تلك الأعمال المشينة ما قامت به هولندا من بث لفيلم إباحي عن زوجات النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله ومن اقتفى، يحتوي مشاهد فاضحة، عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين.

ويبدو أن هذا الفكر لا ولن يرعوي إلا بقوة المواقف وصرامة ردود الأفعال؛ فهي الكفيلة بانحساره وتقليص مده إن لم يمنع بشكل كامل، وهذا الموقف الأخير للخارجية السعودية يحسب لها بلا شك، وله دلالة قوية على الموقف الحازم تجاه المساس بالدين أو الثوابت القائم عليها، وليت دول العالم الإسلامي تحذو حذوه.

ولا أميل مطلقا إلى بعض الآراء الانهزامية – في تصوري – والتي تدعو إلى الدفاع عن الدين ونبي الهدى بالقدوة فقط، وتمثيل الإسلام والسنة النبوية بالسلوك والأفعال؛ فهي وإن كانت من الأهمية بمكان، إلا أن من المفترض الرد عليها بشكل عملي وعلمي من خلال كتب محكّمة أو قنوات إعلامية من خلال برامج احترافية مشوقة تبرز للعالم أجمع هذا الدين ومن ثم مكانة نبيه العظيم ومنزلة الصحابة وأمهات المؤمنين.

إن الحاجة لإعلام يتميز بالمهنية العالية مطلب ملح للتصدي لمثل هذه الاستفزازات، والتي يفترض دراستها والرد عليها بطريقة مقنعة وبأساليب إعلامية جاذبة في إخراجها وحديثة في مونتاجها؛ فالعالم يقبل الرأي الآخر بشرط أن يتسم بالصفات الآنفة الذكر.

كم يؤلم النفس ويحز فيها انتشار المذاهب الهدامة والهشة والتي تعتمد على الخزعبلات والخرافة ويجدها تمتد لدول بعيدة في قارات مختلفة، لا لشيء إلا لأن القائمين عليها استخدموا طرقا عدة لنشر مذهبهم، فقد استحوذوا على العديد من القنوات والوسائل الإعلامية فكان لهم ما أرادوا.

أما إعلامنا فقد أقنع نفسه بأنه هو الحق وما عداه باطل، وأنه الأفضل وما سواه فاضل، فتقوقع على نفسه وعاش حالة من الوهم، استغلها غيره فانتشر في الأفق ليعتنق ذلك المذهب فئام من الناس.

إن هذه الأفلام يفترض مناهضتها بأفلام مماثلة، تعتمد على قوة المضمون وجودة الإخراج ليتلقاها العالم فتجد الآذان الصاغية والأفهام الواعية، وكذلك الكتب، فالإنتاج الحالي في جامعاتنا يتسم بالتكرار والنمطية، وجامعاتنا تغرد خارج السرب، فلا إنتاج فكري معاصر يجابه تلك الحملات الشرسة ويواجه الهجمات المسيئة لهذا الدين!إن المواجهة التي تعتمد على الحكمة وبعد النظر والنظر في عواقب الأمور هي التي سيكتب لها التوفيق، والاعتماد على الكم لا الكيف لن يكون مجديا، فإنتاج فيلم قوي ومقنع خير من اجتهادات ربما لا يحالفها التوفيق فلا نجد لها أثرا فاعلا.

والرسالة الموجهة للجهات المعنية أن تشمر عن ساعد الجد، وتمتلك الزمام لمواجهة ما يكنّه أعداء هذا الدين، وإحباط مخططاتهم، وذلك مثْْلا بمثل، وبجهود حثيثة حتى تقمع تلك الفئة الضالة المضلة التي لا تفتأ تنشر مذهبها الضال في أرجاء المعمورة، وقد ولى زمن السكوت، ونحن لدينا كافة الإمكانات التي يجب أن نسخّرها لخدمة ديننا، فهو أغلى ما نملكه في هذا الملكوت، فشكرا لوزارة الخارجية، وننتظر جهد البقية، فهل نجد جهدا ملموسا قريبا؟