وهم الإمبراطورية يدفع إردوغان لاستعراض العضلات
جينجراس: تركيا ترى نفسها محاطة بالخصوم والأعداء وأنها ستستخدم القوة لتأكيد وجودها الاتحاد الأوروبي لا يتعامل حتى الآن مع عدوانية الرئيس التركي بجدية ديسيس: الحرب بين أنقرة وأثينا ليست حتمية لكن المخاطر تتصاعد
الثلاثاء / 20 / محرم / 1442 هـ - 19:45 - الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 19:45
عند المرور من مضيق البوسفور الذي يفصل أوروبا عن آسيا في العام الماضي، وجه أسطول تركي التحية إلى قبر القائد البحري والقرصان التركي بربروس الذي يعود إلى القرن السادس عشر، وهو تقليد يعود إلى أيام سيطرة الإمبراطورية العثمانية على البحر المتوسط.
لم يتوقف كثيرون خارج تركيا عند هذه الواقعة التي حيا فيها البحارة الأتراك العائدون من أكبر تدريب للقوات البحرية التركية، ولكنها تحمل الكثير من الرمزية، بحسب وكالة بلومبيرج للأنباء، التي تقول إنه في حين تعيد تركيا بناء قدراتها البحرية وتتنافس على المناطق البحرية المتنازع عليها فإنها تخوض صراعا مع خصومها التاريخيين في الغرب.
ويتركز الاهتمام الدولي على السباق من أجل السيطرة على احتياطات الغاز الضخمة تحت مياه شرق البحر المتوسط، والذي دفع ليس فقط تركيا، وإنما أيضا قبرص ومصر واليونان وإسرائيل إلى إعلان حقوقها في أكثر بحور العالم ازدحاما، ومع ذلك فإن جذور الصراع والتوتر أكثر عمقا من ذلك.
بعيد عن الواقع
يعكس نمو القوة البحرية التركية، أحلام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الظهور كقوة إقليمية تقف على قدم المساواة مع أوروبا وروسيا والولايات المتحدة.
ويقول ريان جينجراس الأستاذ في قسم شؤون الأمن القومي في مدرسة البحرية للدراسات العليا في كاليفورنيا والمتخصص في الشأن التركي «ليس بعيدا جدا عن السطح، توجد مجموعة من الدوافع وراء هذه التحركات، وأبرزها فكرة أن تركيا هي أكبر قوة في شرق البحر المتوسط، ويجب معاملتها على هذا الأساس ... تركيا ترى نفسها محاطة بالخصوم والأعداء، وأنها ستستخدم القوة لتأكيد وجودها».
وحدد إردوغان عام 2023 الذي يوافق ذكرى مرور 100 عام على قيام الجمهورية التركية كتاريخ لتحقيق الاستقلال الكامل في مجال السلاح، وهو ما يبدو أمرا بعيدا عن الواقع، ومما يعزز الشكوك في إمكانية تحقيق هذا الهدف تعثر الاقتصاد التركي البالغ حجمه 750 مليار دولار، خاصة مع تصاعد التوتر مع الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي لتركيا، والذي يهدد بمعاقبتها بسبب أنشطتها في المنطقة.
عدوانية إردوغان
وفيما تقوم السفن التركية بعمليات المسح الزلزالي للبحث عن الغاز في المياه الخاضعة لسيادة اليونان وقبرص، حدث احتكاك بين سفينتين حربيتين يونانية وتركية ليصل التوتر بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى أعلى مستوياته منذ 1996 بسبب النزاع بين الجانبين على السيادة على جزر غير مأهولة في بحر إيجة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في خطاب له يوم 26 أغسطس الماضي بمناسبة ذكرى أول انتصار للأسطول التركي على الإمبراطورية البيزنطية في معركة مانزكريت عام 1071، إن «تركيا ستحصل على نصيبها العادل من البحر المتوسط وبحر إيجة والبحر الأسود... وإذا قلنا إننا سنفعل شيئا فإننا سنفعله وسندفع الثمن».
وحتى الآن لم يتضح إلى أي مدى يمكن التعامل مع عدوانية إردوغان بجدية، ففي مقابلة مع وكالة بلومبيرج قال إبراهيم قالن المتحدث باسم إردوغان ومستشاره إن تركيا تستهدف الضغط على شركائها في البحر المتوسط لكي يضعوا المصالح التركية في حسابهم، ويتفاوضوا مع تركيا بعد سنوات طويلة من تجاهلها.
عزلة دولية
وتقول اليونان إنه يجب وضع الجزر في الاعتبار عند حساب الجرف القاري للدولة صاحبة الجزيرة في شرق المتوسط، وفقا لمعاهدة الأمم المتحدة للبحار، والتي لم توقع عليها تركيا، في المقابل تقول الأخيرة إن حساب الجرف القاري يجب أن يبدأ من البر الرئيسي للدولة، ورغم عرض كل دولة منهما إجراء محادثات بينهما، فمن غير المتوقع حدوث ذلك قريبا. ورغم أن استعراض تركيا لقوتها في المنطقة جذب الاهتمام الدولي إليها، فإنه ترك شعبها البالغ تعداده 83 مليون نسمة في شبه عزلة دولية.
وفي الأسبوع الماضي أعربت البحرية التركية عن قلقها من اعتزام روسيا إجراء مناورة بحرية بالذخيرة الحية في البحر المتوسط في وقت لاحق من الشهر الحالي، وقررت الولايات المتحدة رفع الحظر المفروض منذ عقود على تصدير السلاح إلى قبرص. وفي خطوة تستهدف استعراض القوة نشرت فرنسا مقاتلاتها الحديثة طراز رافال في إحدى القواعد الجوية بقبرص.
ورغم ذلك يرى هوجو ديسيس الباحث المتخصص في الشؤون البحرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن أيا من هذه التطورات لن تجعل الحرب بين أنقرة وأثنيا حتمية ولا حتى محتملة، لكن المخاطر المتصاعدة تتزايد.
ويقول ديسيس «ما يجب أن يثير قلقنا حقا هو قيام تركيا بتطوير آلية الأمر الواقع على غرار ما تفعله الصين» في إشارة إلى قيام الصين بمحاولة فرض سيادتها بحكم الأمر الواقع في بحر الصين الجنوبي.
لم يتوقف كثيرون خارج تركيا عند هذه الواقعة التي حيا فيها البحارة الأتراك العائدون من أكبر تدريب للقوات البحرية التركية، ولكنها تحمل الكثير من الرمزية، بحسب وكالة بلومبيرج للأنباء، التي تقول إنه في حين تعيد تركيا بناء قدراتها البحرية وتتنافس على المناطق البحرية المتنازع عليها فإنها تخوض صراعا مع خصومها التاريخيين في الغرب.
ويتركز الاهتمام الدولي على السباق من أجل السيطرة على احتياطات الغاز الضخمة تحت مياه شرق البحر المتوسط، والذي دفع ليس فقط تركيا، وإنما أيضا قبرص ومصر واليونان وإسرائيل إلى إعلان حقوقها في أكثر بحور العالم ازدحاما، ومع ذلك فإن جذور الصراع والتوتر أكثر عمقا من ذلك.
بعيد عن الواقع
يعكس نمو القوة البحرية التركية، أحلام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الظهور كقوة إقليمية تقف على قدم المساواة مع أوروبا وروسيا والولايات المتحدة.
ويقول ريان جينجراس الأستاذ في قسم شؤون الأمن القومي في مدرسة البحرية للدراسات العليا في كاليفورنيا والمتخصص في الشأن التركي «ليس بعيدا جدا عن السطح، توجد مجموعة من الدوافع وراء هذه التحركات، وأبرزها فكرة أن تركيا هي أكبر قوة في شرق البحر المتوسط، ويجب معاملتها على هذا الأساس ... تركيا ترى نفسها محاطة بالخصوم والأعداء، وأنها ستستخدم القوة لتأكيد وجودها».
وحدد إردوغان عام 2023 الذي يوافق ذكرى مرور 100 عام على قيام الجمهورية التركية كتاريخ لتحقيق الاستقلال الكامل في مجال السلاح، وهو ما يبدو أمرا بعيدا عن الواقع، ومما يعزز الشكوك في إمكانية تحقيق هذا الهدف تعثر الاقتصاد التركي البالغ حجمه 750 مليار دولار، خاصة مع تصاعد التوتر مع الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي لتركيا، والذي يهدد بمعاقبتها بسبب أنشطتها في المنطقة.
عدوانية إردوغان
وفيما تقوم السفن التركية بعمليات المسح الزلزالي للبحث عن الغاز في المياه الخاضعة لسيادة اليونان وقبرص، حدث احتكاك بين سفينتين حربيتين يونانية وتركية ليصل التوتر بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى أعلى مستوياته منذ 1996 بسبب النزاع بين الجانبين على السيادة على جزر غير مأهولة في بحر إيجة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في خطاب له يوم 26 أغسطس الماضي بمناسبة ذكرى أول انتصار للأسطول التركي على الإمبراطورية البيزنطية في معركة مانزكريت عام 1071، إن «تركيا ستحصل على نصيبها العادل من البحر المتوسط وبحر إيجة والبحر الأسود... وإذا قلنا إننا سنفعل شيئا فإننا سنفعله وسندفع الثمن».
وحتى الآن لم يتضح إلى أي مدى يمكن التعامل مع عدوانية إردوغان بجدية، ففي مقابلة مع وكالة بلومبيرج قال إبراهيم قالن المتحدث باسم إردوغان ومستشاره إن تركيا تستهدف الضغط على شركائها في البحر المتوسط لكي يضعوا المصالح التركية في حسابهم، ويتفاوضوا مع تركيا بعد سنوات طويلة من تجاهلها.
عزلة دولية
وتقول اليونان إنه يجب وضع الجزر في الاعتبار عند حساب الجرف القاري للدولة صاحبة الجزيرة في شرق المتوسط، وفقا لمعاهدة الأمم المتحدة للبحار، والتي لم توقع عليها تركيا، في المقابل تقول الأخيرة إن حساب الجرف القاري يجب أن يبدأ من البر الرئيسي للدولة، ورغم عرض كل دولة منهما إجراء محادثات بينهما، فمن غير المتوقع حدوث ذلك قريبا. ورغم أن استعراض تركيا لقوتها في المنطقة جذب الاهتمام الدولي إليها، فإنه ترك شعبها البالغ تعداده 83 مليون نسمة في شبه عزلة دولية.
وفي الأسبوع الماضي أعربت البحرية التركية عن قلقها من اعتزام روسيا إجراء مناورة بحرية بالذخيرة الحية في البحر المتوسط في وقت لاحق من الشهر الحالي، وقررت الولايات المتحدة رفع الحظر المفروض منذ عقود على تصدير السلاح إلى قبرص. وفي خطوة تستهدف استعراض القوة نشرت فرنسا مقاتلاتها الحديثة طراز رافال في إحدى القواعد الجوية بقبرص.
ورغم ذلك يرى هوجو ديسيس الباحث المتخصص في الشؤون البحرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن أيا من هذه التطورات لن تجعل الحرب بين أنقرة وأثنيا حتمية ولا حتى محتملة، لكن المخاطر المتصاعدة تتزايد.
ويقول ديسيس «ما يجب أن يثير قلقنا حقا هو قيام تركيا بتطوير آلية الأمر الواقع على غرار ما تفعله الصين» في إشارة إلى قيام الصين بمحاولة فرض سيادتها بحكم الأمر الواقع في بحر الصين الجنوبي.