سوق مجنة التاريخي بين الاحتفالية والتأبين

السبت - 24 فبراير 2018

Sat - 24 Feb 2018

كان يمكن أن يكون هذا المقال احتفالية أو دراسة نقدية بمناسبة مرور عام كامل على أول إصدار مستقل يتناول سوق مجنة، وجاءت هذه الدراسة من قبل الباحث عبدالله الشايع عام 1438 بعد أن قام بزيارات ميدانية لهذا السوق واستوفى مشاهده الآثارية والتاريخية، وقد أشارت صحيفة مكة إلى هذا الإصدار العلمي تحت عنوان «الشايع يحدد موقع سوق مجنة» بتاريخ 26/‏6/‏1438 وبحق يعتبر إصدارا رائعا تمكن مؤلفه من ضبط مستوى السوق المعرفي والتاريخي، وجعل مكانه بالقرب من محافظة الجموم، وهذا متوافق مع كل النصوص التاريخية.

وكنا نود أن نحتفل في هذا المقال بمناسبة مرور عام كامل على هذا الإصدار، ونقدم قراءة مبدئية ونقدية كما أشرت في مطلع المقال لو لمسنا استجابة كافية توقف هذه الكارثة الآثارية، ولكن لا نستطيع اليوم أن نحتفل، فالراجح أننا سوف نقوم بتأبين هذا السوق بعد أن تعرض لإبادة تاريخية وآثارية مرتبة، فمنذ ثلاثة أشهر ما فتئ المدمرون يتناوبون وبضراوة على تغيير معالم السوق، وتدمير بنيته وتغيير معالمه المحيطة، وإتلاف المباني وجرف الملتقطات ونشر الحظائر الحيوانية، وغيرها من مجلوبات الصفيح، وحرق قيمته السياحية والأثرية «جهارا نهارا»، وتأكدوا أنهم ماضون بشكل صحيح في مسعاهم وأسلوبهم، بعد أن نجحوا في تسييج أطرافه دون رادع، ومنع السياح من دخوله بحجة «الملكية الخاصة»، فهل كان لهذا الإصدار دور في قدح شرار هذه النار؟

لا شك أن ما يتناوله الناس اليوم عبر وسائل الاتصال الرقمي عما تعرض له سوق مجنة التاريخي والأثري مميت.. فليس من المعقول أن يتعرض هذا السوق لهذه الكارثة الكبرى من تدمير وإبادة لمخزونه الثقافي والتاريخي دون أن يكون هناك حراك ثقافي وتنسيق معرفي لوقف هذه الإبادة الثقافية!

نحن نسأل أين هيئة السياحة والتراث الوطني من كل ذلك؟ ولديهم تنظيمات وزارية رائعة تمنع وتجرم كل ذلك؟ فهل تم تجاوز هذه الكارثة «بحسن الظن» مثلا! وطيب المعشر وسلامة النية! نحن نود من الهيئة أن تقف على حجم هذه الكارثة الأثرية، وتقدم ما تستطيع في الوقت الراهن، على الأقل عن طريق التواصل مع الجهات المختصة بمحافظة الجموم لمعرفة ما حدث، ومنع تمدد الكارثة نحو عمق السوق.. فهذا ممكن حتى اليوم.