جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال

الأربعاء - 17 أبريل 2024

Wed - 17 Apr 2024

في رمضان 1444هـ، زرت المسجد الحرام بمكة المكرمة لأداء صلاة التراويح والقيام، وقد كان ولله الحمد.
ولكنني اضطررت للعودة إلى المنزل بعد التسليمتين الأولى من صلاة القيام.
اتجهت للخروج كعادتي من المخرج أمام قصر الملك.
اتصل بي سائقنا ليخبرني أن الطريق مغلق ولن يفتح إلا بعد الصلاة، وأنا في عجلة من أمري.
وقفت لأسأل رجل الأمن (وفعلا كان رجلا بكل ما تحمله معاني الرجولة، وأمنا بعد الله تعالى).
سألته: فضلا أريد الخروج، وسائقي يقف بعد النفق مباشرة، ما يقطعني عنه هذا النفق الطويل، فهل من حافلة تقل ركابا لتوصلني (كوني وحدي فأنا لا أقوى على ركوب سيارات الأجرة دون محرم أو رفقة نساء)، فقال لي: قفي يا أختي هنا، وانتظري.
وإذا به يحضر قارورة ماء، ويناولني إياها من بعد، ويقول انتظري، وذهب عني.
وقفت قرابة ربع الساعة أنتظر، ثم قلت في نفسي لعله نسي أمري مع هذا الزحام.
وفجأة أسمعه مناديا: يا أخت، لو سمحت، تعالي هنا.
خفت، ثم اقتربت: نعم.
قال: هذه سيارة أجرة، ولا توجد حافلات هنا، وقد اتفقت مع سائقها بألا يقل معك أي رجل وأي أحد، وأن يقطع بك النفق فقط، ولا تقلقي فهذه السيارة إن شاء الله تعالى أمان، فقد أوصيت سائقها عليك، فاركبي وانطلقا بحفظ الله.
اتصلت بأمي كون أبي وأخي في الصلاة، فقالت: توكلي على الله وأنا معك على الهاتف، حتى وصلت بسلام ولله الحمد لسيارتي.
ولكم دعوت لهذا الرجل الذي اتق الله تعالى وخافه في بنات المسلمين.
لا أعرف شكله ولا أعرف اسمه ولا أعرف عنه شيئا.
إلا أنني أدعو له ووالدي في الغيب والشهادة.
فرح والدي بشهامة ذلك الرجل وقال: يا ابنتي، نحن في بلاد الحرمين، بلاد الأمن والأمان.
شكرا لدولتي الحبيبة التي اختارت لنا بعد الله هؤلاء الرجال ليكونوا لنا أمنا وأمانا بعد الله.
أتأمل: سبحان الله، ما الذي حمل هذا الرجل على هذا العمل؟ وهذا الإحسان؟
والجواب هو: مراقبته لله تعالى وتقواه، ثم إحساسه النابع من التربية الدينية الطيبة التي جبلته على خشية الله في بنات المسلمين وحب الإحسان في ذلك الزمان، ثم حبه لوطنه واستشعاره عظم المسؤولية فمثله أروع مثال من أطهر مكان.
شكرا رجال أمنِنا.
شكرا يا رجال.
شكرا أيها النبلاء.
ختاما: تسطيري لهذه الكلمات نبع من فعل كان له عظيم الأثر علي وعلى والدي، وهدفه: تسليط الضوء على جهود رجال هذه الدولة المباركة، دولة الأمن والأمان، التي قامت بفضل الله ثم بأمثال هؤلاء الرجال.