عبدالله العولقي

الانتخابات العراقية بين النزاهة والملالي

الخميس - 25 يناير 2018

Thu - 25 Jan 2018

المثقفون والباحثون العرب مختلفون اليوم حول مصير الانتخابات العراقية القادمة، هل سيعود العراق إلى الحضن العربي ويخلع عن نفسه الطائفية والمناطقية التي عبثت به منذ انهيار نظام صدام حسين؟ وهل نجد قادة عراقيين شرفاء ينهضون بوطنهم ويعيدونه إلى المكانة اللائقة بتاريخه أم إن اللعبة القذرة التي يمارسها الملالي منذ ذلك التاريخ ستستمر في خداعها أمام الشعب العراقي وعبر البوابة الديمقراطية وتكرر الأسماء التي تتنافس على أكل خيرات العراق؟

الإشكاليات والخلافات المتعددة التي يشهدها البرلمان العراقي في الفترة الأخيرة تدل على مدى الخلاف الواسع بين الفئة القليلة التي تنوي تطبيق الديمقراطية الحقيقية وتوفير المناصب والإدارات والتوظيف لكل فئات الشعب وحسب الجدارة، وبين فئة الأغلبية التي تريد فرض الواقع الطائفي على العراق وتهميش المكونات الاجتماعية والدينية الأخرى، ولكن اللافت للنظر أيضا أن هذه الأغلبية تعاني هي الأخرى من انقسامات حادة في مكوناتها بالرغم من اتفاقها على مبدأ الطائفية، ولعلنا في هذا المقال سنوجز شيئا يسيرا من هذا الاختلاف فيما بينها.

الإشكالية الكبرى في ديمقراطية العراق الواهنة هي دخول الميليشيات العسكرية في قوائم الاقتراع الانتخابي، وهذا ما يضعف الانتخابات البرلمانية ويؤهلها إلى الصورة الزائفة للديمقراطية، فكما هو معروف عن قوى الحشد الشعبي خصوصا والميليشيات المدعومة من نظام الملالي عموما أنها تحولت إلى أحزاب سياسية دون أن تتنازل عن أسلحتها أو التزامها بالتخلي عن أجندة الحرس الثوري الإيراني أو دورها العنجهي في الاستيلاء على مكامن النفط وتصديره بعيدا عن أعين الحكومة، وهذه من الكوارث التي ابتلي بها العراقيون اليوم.

رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي يؤكد على الديمقراطية النزيهة والحقيقية في العراق، ولكنه يمارس النقيض حينما يبذل قصارى جهده بالتحالف مع القوى الطائفية، فقد حاول تكوين كتلة سياسية قوية تحت مسمى (نصر العراق) تضم حزبه مع قوات الحشد الشعبي والمجلس الإسلامي الأعلى، ولكن ما لبث هذا التحالف أن انهار سريعا وتفككت مكوناته بعد انضمام حزب عمار الحكيم إليه، وهو يحاول الآن جاهدا تكوين كتلة سياسية أخرى يستطيع من خلالها الظفر في الانتخابات القادمة.

الزعيم الشيعي مقتدى الصدر هاجم العبادي وأسلوبه في السياسة خصوصا بعد محاولته الفاشلة في التحالف مع القوى الطائفية، واعتبر أن السياسيين الذين ينهجون المنهج الطائفي في العراق هم من أوصل العراق إلى وضعه المأزوم اليوم، مشيرا إلى وضع الانتخابات العراقية وما وصلت إليه نتائج سياسة التعصب الطائفي.

أما رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، والذي يعد المنافس الأقوى والأبرز أمام العبادي، والذي سجل استقالته سابقا من الحكومة بعد فشله الذريع في تقويض داعش أمام توسعها السابق واكتساحها للمناطق العراقية بعد أن سجلت حكومته الأرقام القياسية في مستوى الفساد الإداري، فهو اليوم يحاول أن يصحح صورته المأزومة أمام الشعب العراقي ويجري تحركات واسعة لزيادة كتلته البرلمانية ويحظى بدعم لا محدود من نظام الملالي في طهران.

المراقبون والكتاب والمثقفون العرب اليوم ينظرون للمشهد السياسي العراقي ببارقة أمل كبيرة بحيث يخرج العراقيون من خندق الطائفية التي فرضها عليهم نظام الملالي في طهران بعد العهد الصدامي، ويعودون دولة عربية حية تتشارك معهم المشهد العربي ويعولون على انحسار الدور الإيراني اليوم جراء ما تشهده الأقاليم الإيرانية من ثورات الخبز والعواصف الداخلية، بينما يؤكد الآخرون بقراءتهم للأوضاع الحالية على استمرار الطائفية في العراق وأثرها المقيت على انتخاباته جراء هيمنة الملالي على المشهد السياسي والاجتماعي بنظريته البائسة (الولي الفقيه)، مما حدا بالمؤرخ العراقي رشيد خيون إلى التعليق على الحالة اليوم بقوله: إن الانتخابات العراقية أكذوبة وإن المتصدر الأول والأخير هو ولاية الفقيه، فأنا أستعجب كثيرا، لماذا ينتخب العراقيون؟!