محمد أحمد بابا

الإنسان الكريم والحجر الكريم

الاحد - 21 يناير 2018

Sun - 21 Jan 2018

جعلوا الأحجار كريمة، لمعوها وبحثوا عنها واحتفظوا بها وأودعوها سرهم، رأوا فيها ثقافات واحتياجات وعطاءات، تفاخروا بها وأهدوها واعتنوا بها، تاجروا بالكرامة فيها حتى قالوا: أحجار كريمة.

زوروها وقلدوها وصنعوها وابتكروها، تختموا بها واعتنقوها وجعلوها تعويذات وفألا، ورثوها وتوارثوها وامتهنوا مهنة تتعلق بها وربطوها بالحظ، وجعل بعضهم منها طاقة علاج ومنظور نفسيات، وبهرجة روحانيات، فحسنوا بها أمزجتهم واستخدموها وخدموها.

فسبحان ربي كيف تحجرت هي فأكرموها رغم حجريتها؟

لمسوها فكانت الصلابة منبع الكرم، واختبروها فوجدوا النعومة راحة القلب، فجروها فلم يتغير لون بداخلها عن خارجها، في حفلة تكريم دائمة هي معهم رغم تحجرها.

في موريتانيا وهي بلد عربي بعض الحجر الكريم يقال له: الحب الحر، والمقصد من (الحبة) ووصف (الحرارة) أو (الحرية) أو (التحرر) لها بأنها أصيلة المنشأ، مع أنهم يقولون في موريتانيا أيضا: بأن هذا (الكلام حر) أي جارح وثقيل.

ربما صلابة (الحب الحر) أو متانة (الحجر الكريم) مثل أساسيات انتقاد ولوم في حق.

من هنا عاتبت نفسي بوصف حجر كريم وأنا أتذكر قول ربي: (ولقد كرمنا بني آدم)، والبنوة هنا عموم الانتساب، وما على الأرض إلا وهو ابن لآدم، فنحن (أوادم كريمة) وهي (أحجار كريمة).

لماذا للحجر الكريم قيمة؟

فأجبت وقلت: ربما لما يمنحه من انعكاس شعور يرتجيه حامله، وربما أكرمه المتعدد الأغراض لمن يبيعه مسوقا له فوائد بعيدة عن الضبط الآدمي، وربما هو كريم أصل حيث خطوط ألوان داخله مثل خارجه مختلفا عن نفاق في أحجار ليست كريمة.

ومن هنا وجد الإنسان نفسه في بعض شطه مصنفا بني آدم لأصول عرقية كريمة وأخرى مسكوت عنها، فكيف ذلك وكل الإنسان في أصله كريم بانتسابه لآدم، وآدم من تراب والحجر في الأصل تراب، لأقول مبعث الكرامة ربما التراب.

ما نبحث عنه في هذه الدنيا أن يبقى الإنسان كريما ليعرف الحجر الكريم، فمن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود.

فالإنسان الأبيض ذو ألوان، والإنسان الأحمر ذو ألوان، والإنسان الأسود أصل رغم كرامة الجميع بتكريم الخالق جل وعلا.

ليتنا: نكون أحجارا كريمة على رقعة شطرنج نختلف شكلا ونتفق في مضمون صراع عادي لنفوز أو نغلب بروح رياضية في كرم اتحاد.

لماذا يهون بعض الإنسان عند نفس الإنسان وهو في الأصل كريم؟ لماذا حين تتحجر الأرض تكرم؟ لماذا وأصلنا من ذات أصل الحجر؟

قرأت قولا لإحداهن سألوها كيف تحبين فلانا وهو جامد صخر حجر؟ قالت: كما أحب الكفار أصنامهم وهي جمادات، فأخرست من يستعجب بأن الهوى غلاب.

قطعا بأن صفة مثل الكرامة تمنح ولا تؤخذ، فالله هو من كرم بني آدم، والناس هم من كرموا الأحجار.

ومع كل هذا ففي بعض الحجر ميزة من تكريم الله المباشر ليكون الحجر الأسود مناط سلام، ويكون جبل أحد ذا قلب يحب المؤمنين، وتخر جبال هدا أن يدعى مع الله شريك.

@albabamohamad